كأس العالم 2030: فرصة لتعزيز الاستثمار الأجنبي في المغرب وتحديات توزيع الفوائد بشكل عادل
مع فوز المغرب بشرف تنظيم كأس العالم 2030، إلى جانب إسبانيا والبرتغال، تبرز أهمية تعزيز تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في المملكة.
غير أن هذا النجاح يأتي مع تحدٍ كبير يتمثل في التصدي لثقل “الهاجس المركزي في توزيع الاستثمارات”، والذي يساهم في تفاقم التفاوتات بين المناطق المختلفة، حيث تتركز معظم المشاريع في المناطق الحضرية لبعض الجهات فقط.
في هذا السياق، أشار موقع “أتاليار” إلى أن المؤشرات الاقتصادية المقلقة، مثل ارتفاع معدلات البطالة إلى أعلى مستوى منذ عقد، وزيادة التفاوتات بين المناطق الحضرية والقروية، تدل على أن “النمو الاقتصادي الحالي قد لا يستفيد منه الجميع”.
وعلى الرغم من أن المغرب حقق مكانة كأحد أكبر ثلاث وجهات استثمارية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فإن تأثير هذه الاستثمارات لا يزال غير متوازن، حيث تتوجه غالبية الاستثمارات إلى المناطق الحضرية والقطاعات التكنولوجية المتقدمة، مما يزيد من الفوارق الاقتصادية والاجتماعية ويؤدي إلى ظهور “اقتصاد بسرعتين”.
ورغم التراجع الكبير في تدفقات الاستثمارات الأجنبية في العام الماضي، والتي كانت الأدنى منذ 19 عامًا، فإن الأرقام ارتفعت مجددًا خلال النصف الأول من العام الجاري لتصل إلى “ثاني أعلى مستوى في تاريخ الاقتصاد الوطني”، كما أشار الناطق الرسمي للحكومة مصطفى بايتاس.
ولفت بايتاس إلى أن “دور الحكومة في تحقيق هذا الانتعاش من خلال تحسين مناخ الأعمال وجذب المزيد من الاستثمارات” كان واضحًا.
ومع ذلك، أشار المقال إلى أن “هذه الإجراءات لم تكن كافية لضمان توزيع الفوائد بشكل عادل”. فالنجاح الحقيقي للاستثمارات الأجنبية لا يمكن قياسه بالأرقام فقط؛ بل يجب أن تُترجم هذه الاستثمارات إلى “فوائد ملموسة لجميع المواطنين”.
وهذا يتطلب التركيز على السياسات العمومية التي لا تجذب رأس المال الأجنبي فقط، بل تعزز أيضًا التنمية العادلة والمستدامة.
كما أوضح المصدر أن “التحدي الذي يواجه المغرب هو تحويل هذه الأرقام إلى تحسينات حقيقية في جودة الحياة لجميع مواطنيه”.
بدون استراتيجية واضحة لتحقيق نمو اقتصادي شامل، قد يواجه البلد خطر “خلق مملكة الوعود الفارغة”، حيث “تعزز الاستثمارات الأجنبية الأرقام بينما يظل معظم السكان على الهامش”.
دراسة سابقة بعنوان “تحقيق العدالة المجالية في حاجة إلى نفس جديد” أظهرت أن ثلاث جهات فقط، هي الدار البيضاء-سطات، الرباط-سلا-القنيطرة، ومراكش-آسفي، استحوذت على 61% من الاستثمارات الوطنية، بينما تكتفي باقي الجهات التسع الأخرى بنسبة 39%.
وقد اعتبرت الدراسة التي أعدها المعهد المغربي لتحليل السياسات أن التوزيع غير المتكافئ للموارد والبرامج والاستثمارات العمومية أدى إلى توسيع الفجوة التنموية بين المناطق، مما يعكس “تمييزًا سلبيًا” بين الجهات والمناطق التي تحقق مؤشرات اقتصادية واجتماعية تتجاوز المعدل الوطني وأخرى تظل ضمن دائرة “المغرب غير الضروري”.