قفزة في الاستثمارات الأجنبية المباشرة بالمغرب.. مكاسب اقتصادية بلا حلول لأزمة البطالة
في ظل تسجيل معدلات بطالة قياسية بلغت 13.6% وفق البيانات الرسمية، كشفت مؤشرات حديثة صادرة عن مكتب الصرف عن قفزة كبيرة في تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة، حيث سجلت نمواً بنسبة 61.6% خلال شهر أكتوبر 2024.
هذه الأرقام الإيجابية تثير تساؤلات جوهرية حول جدوى هذه الاستثمارات في معالجة أزمة البطالة، بالرغم من الحوافز الكبيرة التي قدمتها الحكومة لدعم الاستثمار.
وفقاً لأحدث النشرات الشهرية للمبادلات الخارجية، بلغ صافي تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة حوالي 19.5 مليار درهم بنهاية أكتوبر، مقارنة بـ 12.1 مليار درهم خلال نفس الفترة من العام الماضي.
كما ارتفعت مداخيل هذه الاستثمارات بنسبة 23.7% لتصل إلى أكثر من 33.3 مليار درهم، بينما انخفضت نفقاتها بنسبة 7.1% لتستقر عند 13.8 مليار درهم.
هذا الأداء يعكس، إلى حد كبير، الجهود الحكومية لتعزيز جاذبية المغرب كوجهة استثمارية، خاصة بعد دخول “ميثاق الاستثمار” الجديد حيز التنفيذ نهاية 2022.
ومع ذلك، لا تزال آثار هذه التدفقات على سوق العمل محدودة، مما يعكس فجوة بين النمو الاستثماري والقدرة على خلق فرص الشغل.
يرتكز “ميثاق الاستثمار” الجديد على تقديم دعم مباشر يصل إلى 30% من قيمة الاستثمار، لكن بشرط تحقيق معايير محددة.
هذه المعايير تشمل إما خلق أكثر من 150 فرصة عمل دون اشتراط حد أدنى لقيمة الاستثمار، أو تنفيذ مشاريع تفوق قيمتها 50 مليون درهم مع توفير ما لا يقل عن 50 منصب شغل مستدام.
رغم هذه التدابير، تستمر المفارقة بين نمو الاستثمارات الأجنبية وضعف انعكاسها على التشغيل. والي بنك المغرب، عبد اللطيف الجواهري، أشار في تصريحات سابقة إلى أن مستوى الاستثمار في المغرب يعادل دولاً حققت قفزات اقتصادية كبرى، لكنه شدد على أن تأثيره على خلق فرص العمل في المملكة لا يزال محدوداً للغاية.
في السياق نفسه، عبّر وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى، يونس السكوري، عن رضا الحكومة تجاه تحسن جاذبية المغرب للاستثمار، لكنه دعا إلى ضرورة التحقق من انعكاس هذه الاستثمارات على سوق العمل.
محمد شيكر، رئيس “مركز عزيز بلال للدراسات والأبحاث”، ألقى الضوء على أن طبيعة الاستثمارات تلعب دوراً حاسماً في خلق فرص الشغل.
وأشار إلى أن بعض الاستثمارات، خصوصاً في المجالات التكنولوجية، تميل إلى الاعتماد على الآلات والذكاء الاصطناعي بدلاً من اليد العاملة، مما يقلص من فرص العمل.
وشدد شيكر على أن التشغيل في المغرب لا يعتمد بشكل رئيسي على القطاع الخاص، موضحاً أن نحو 75% من فرص الشغل يتم توفيرها خارج إطار المقاولات الخاصة. واعتبر أن الأولوية للمقاولات ليست خلق وظائف، بل تحقيق كفاءة إنتاجية أعلى.
يظل التحدي الرئيسي أمام المغرب هو تحقيق توازن بين جذب الاستثمارات الأجنبية وتعظيم انعكاسها على سوق الشغل.
ورغم النمو الكبير في تدفقات الاستثمارات، فإن التوظيف لا يزال يعاني، مما يستدعي إعادة النظر في استراتيجيات التحفيز الاقتصادي لضمان استفادة أكبر من هذه التدفقات في معالجة أزمة البطالة المستفحلة.