اقتصاد المغرب

قانون المالية 2025: هل هو خطوة نحو الإصلاح أم مسكنات مؤقتة؟

بينما يستمر المغرب في مواجهة تحديات اقتصادية جمة، يبقى قانون المالية لسنة 2025 نقطة نقاش رئيسية، إذ يطرح تساؤلات حادة بشأن قدرته على معالجة الأزمات المالية وتحفيز الاقتصاد الوطني بشكل فعال.

هل يمثل هذا القانون الحل المنتظر لتجاوز العجز المالي والديون المرتفعة، أم أنه مجرد مسكنات مؤقتة ستؤدي إلى تعميق الأزمة بدلاً من معالجتها؟

خلال مناقشات مشروع قانون المالية في البرلمان، أكدت الحكومة على نجاح المغرب في الحفاظ على استقرار التوازنات الماكرو-اقتصادية، متوقعة أن يحقق الاقتصاد نمواً بنسبة 3.3% في 2024، مع طموح لرفع هذه النسبة إلى 4.6% في 2025، إلى جانب خفض التضخم إلى 2%.

ورغم الظروف الدولية الصعبة التي تشمل تصاعد التوترات الجيوسياسية والأزمات المناخية، تعهدت الحكومة بأن هذا القانون يمثل خطوة جريئة نحو تحقيق التوازن بين الإمكانيات والطموحات.

وفي الوقت الذي تراهن فيه الحكومة على هذا المشروع لإطلاق دينامية اقتصادية جديدة، فإنها تعد بتخفيف الضغط عن القدرة الشرائية للمواطنين، مؤكدة أن برنامجها الحكومي سيظل مرشداً لتحقيق مزيد من التطور الاقتصادي والاجتماعي في إطار تحديات متزايدة.

ومع ذلك، أثار المحلل الاقتصادي نجيب أقصبي نقاطاً هامة حول التحديات العميقة التي قد يحملها هذا القانون.

و في ندوة علمية نظمتها التجديد الطلابي-فرع الرباط، كشف أقصبي عن أرقام صادمة حول العجز المالي المتوقع لعام 2025، الذي من المتوقع أن يصل إلى 188 مليار درهم، أي ما يعادل 11% من الناتج الداخلي الخام، وهو ما يتجاوز التقديرات الرسمية.

وبحسب أقصبي، فإن الحكومة تعتمد بشكل متزايد على الاقتراض لتغطية هذا العجز، مع خطط للاقتراض 125 مليار درهم، مما سيرتفع بتكلفة خدمة الدين إلى 107 مليارات درهم.

هذه الزيادة في الديون ستكون عبئاً كبيراً على خزينة الدولة، في وقت تعاني فيه مداخيلها الضريبية من ضعف ملحوظ، حيث لا يتجاوز “معدل الاكتفاء الذاتي الجبائي” 59%. وهو ما يشير إلى ضرورة إجراء إصلاحات ضريبية هيكلية لتقليص الفجوة بين الموارد والنفقات.

في تحليله للسياق العام، أشار أقصبي إلى أن قانون المالية لعام 2025 يأتي في وقت غير مستقر على الأصعدة الاقتصادية والسياسية.

التوترات الجيوسياسية العالمية، مثل الحرب في أوكرانيا والتوترات بين إسرائيل وإيران، تؤثر على التوقعات الاقتصادية، مما يجعل المستقبل الاقتصادي للمغرب غير مؤكد.

وأضاف أن القانون المالي يمثل في جوهره اختياراً سياسياً يعكس توجهات الحكومة في التعامل مع قضايا كبيرة مثل التوظيف والاستثمار.

وأشار أقصبي إلى أن الاقتصاد المغربي لا يزال يعتمد بشكل كبير على العوامل المناخية، حيث يظل النمو مرتبطاً بتساقط الأمطار والمحصول الزراعي، مما يعكس فشلاً في تحقيق استقلالية اقتصادية عن هذه العوامل. وهو ما نجحت بعض الدول في تجاوزه بفضل تنويع الاقتصاد وتطوير قطاعات أخرى.

كما أشار الخبير الاقتصادي إلى ضعف ديناميكية القطاع الخاص في الاستثمار، حيث لا تتجاوز مساهمته 25% من إجمالي الاستثمارات، ما يجعل الدولة تتحمل العبء الأكبر.

وهذه الوضعية تعكس غياب استراتيجيات فعالة لتحفيز القطاع الخاص، رغم الدعوات المستمرة لذلك منذ عقدين.

وفي الختام، حذر أقصبي من أن استمرار النهج الحالي في إدارة المالية العامة قد يؤدي إلى ارتفاع الكلفة الاقتصادية والاجتماعية على المدى الطويل.

وأكد أن إصلاح النظام الضريبي وتحقيق التوازن بين الموارد والنفقات يجب أن يكون أولوية قصوى لتجنب دخول المغرب في حلقة مفرغة من الأزمات المالية المتكررة.

بناءً على ما تم استعراضه، يبدو أن مشروع قانون المالية لسنة 2025 ليس سوى حلقة جديدة في سلسلة من الإشكاليات الهيكلية التي لم يتم معالجتها بشكل جذري.

وبينما يترقب المواطنون تحسناً في أوضاعهم المعيشية، تبقى التساؤلات مفتوحة حول قدرة الحكومة على اتخاذ قرارات جريئة تساهم في نقل الاقتصاد المغربي نحو الاستدامة والاستقلالية.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى