الاقتصادية

فوكس نيوز، المعروفة بدعمها للجمهوريين، تفتح أبوابها للديمقراطيين

طبيعي أن تتصدر أبرز وجوه الحزب الديمقراطي المشهد خلال المؤتمر الوطني للحزب الذي انطلق الأسبوع الماضي، لكن ما كان له العجب فهو ظهور بعضهم عبر منبر لا يخطر على بال، ونقصد بذلك شاشة قناة “فوكس نيوز”.

كان من ضيوف قناة “فوكس” في ركنها الذي تغطي عبره فعاليات مؤتمر الحزب الديمقراطي في شيكاغو للمشاركة في مقابلات تلفزيونية كل من حاكم ولاية كاليفورنيا غافين نيوسوم ووزير النقل بيت بوتجيج وحاكم ولاية بنسلفانيا جوش شابيرو.

وتتسع بهم قائمة لساسة الديمقراطيين الذين أطلوا عبر هذه الشاشة ذات الشعبية الواسعة في أوساط المحافظين، مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية التي تشهد منافسة بين الرئيس السابق دونالد ترمب ونائبة الرئيس كامالا هاريس. 

نسب المشاهدة

تلقت مصداقية “فوكس نيوز” ضربة قاسية بعد أن وافقت على دفع 787 مليون دولار لتسوية قضية ضدها، على خلفية نشرها مزاعم بشأن تلاعب بأجهزة التصويت في الانتخابات الرئاسية لعام 2020. بالتالي، فإن استقبال ساسة ديمقراطيين سيساعدها على أن تقدم نفسها بصورة أكثر توازناً وإنصافاً، كما من شأنه أن يزيد نسبة مشاهديها.

بالمقابل، يمنح الظهور عبر “فوكس نيوز” الديمقراطيين فرصة للإطلالة عبر الشاشة الإخبارية الأكثر مشاهدة، وهذا قد يساعدهم في استقطاب ناخبين ممن لم يحسموا خيارهم بعد حيال من سيحظى بأصواتهم في نوفمبر.

قال النائب الديمقراطي عن ماساتشوستس جيك أوكينكلوس، الذي يطل عبر “فوكس نيوز” منذ انتخابه في 2020: “يشاهد كثير من الناس فوكس نيوز، ويمكننا الوصول إليهم، ولكن هذا لن يحدث إذا لم نكن واضحين ومقنعين في دخضنا لتصريحات ترمب”.

“فوكس نيوز” هي الشبكة الإخبارية الأكثر مشاهدة على قنوات الكيبل في الفترة النهارية وفي فترة الذروة. إذ استقطبت القناة وسطياً 1.33 مليون مشاهد يومياً بين يناير و11 أغسطس، حسب شركة “نيلسن” (Nielsen) المتخصصة بإحصاءات المشاهدين، فيما أن القنوات المنافسة سواء الليبرالية أو المعتدلة، مثل “إم إس إن بي سي” و”سي إن إن”، لم يتجاوز عدد مشاهديها المليون يومياً خلال الفترة نفسها.

انفتاح على الديمقراطيين

قالت الشبكة إن عدد الساسة الديمقراطيين البارزين الذي ظهروا على القناة أو وعبر وحدتها الرقمية، دون احتساب الخبراء الاستراتيجيين، ارتفع 45% في الثلاثة أشهر من يونيو إلى أغسطس مقارنة بالفترة عينها من العام الماضي. حتى أن قائمة الضيوف تضمنت بعض الساسة الذين غالباً ما تستهدفهم سهام معلقي “فوكس نيوز”، مثل عضو مجلس الشيوخ التقدمي عن فيرمونت بيرني ساندرز ووزير الأمن الداخلي أليخاندرو مايوركاس.

قالت جيسيكا لوكر، نائبة رئيس “فوكس نيوز” للشؤون السياسية والمديرة التنفيذية لبرنامج (Fox News Sunday) إن عدداً متزايداً من الديمقراطيين يطلبون الظهور عبر “فوكس” بهدف الوصول إلى شريحة أوسع من الناخبين، خاصة في الولايات التي يُرجح أن تشهد معركة انتخابية حامية. أضافت: “هذه الانتخابات ستحسمها مجموعة صغيرة من الناخبين في عدد قليل من الولايات”.

استضافة السياسيين الديمقراطيين تعود بالفائدة على “فوكس” أيضاً. قالت لوكر: “لقد لاحظنا أن نسب المشاهدة ترتفع حين نستضيف ديمقراطيين ويتحدثون إلى جمهورنا، ما يدل على اهتمام الجمهور بذلك”.

قال متحدث باسم “فوكس نيوز”، إن القناة لطالما استضافت سياسيين ديمقراطيين، مشيراً إلى مقابلات متكررة مع نيوسوم والمتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي. كما شارك في سلسلة اللقاءات مع الناخبين على “فوكس نيوز” عدد من الساسة الديمقراطيين، مثل بيت بوتجيج وأعضاء مجلس الشيوخ بيرني ساندرز وإيمي كلوبوشار وإليزابيث وارن، بالإضافة إلى وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون.

شعبية المناظرات

تحدث المذيع على قناة “فوكس نيوز” بريت باير إعن إطلاق فقرة “أرضية مشتركة” ضمن برنامجه (Special Report) قبل أكثر من عام، وفيها يناقش مسألةً مع سياسي ديمقراطي وآخر جمهوري. شرح: “عندما أطلقت هذه الفقرة، كان يصعب إقناع الجميع بالمشاركة معاً، على الرغم من بساطة الفكرة”، وذلك نظراً لشدة التوترات في الكونغرس.

أشار إلى أن البرنامج يتيح لممثلي كلا الحزبين فرصة الحديث عن مشاريع القوانين التي يدعمونها والقضايا التي تهمهم. واستشهد بحلقة في يوليو جمعت بين النائب الديمقراطي عن ولاية ميريلاند جيمي راسكين والجمهوري جيمس كومر من كنتاكي، حيث ناقشا إخفاقات جهاز الخدمة السرية في منع محاولة الاغتيال التي استهدفت ترمب. أضاف: “لقد اختلفا وتجادلا حول كثير من الأمور، مع ذلك شاركا في الحلقة وقدما فقرة ممتازة”.

بيّنت دانا بيرينو، المذيعة على “فوكس نيوز”، التي كانت متحدثةً باسم البيت الأبيض، أن استضافة السياسيين من مختلف التوجهات السياسية يصب في مصلحة شبكات الأخبار أيضاً. وقالت: “بناء هذه العلاقات أمر مهم، ويجب على الإعلام أن يبذل المزيد لاستعادة الثقة.”

أشارت بيرينو إلى تقدير الجمهور للمحتوى الذي يجمع بين الحزبين واحترامه للديمقراطيين الذين يظهرون عبر “فوكس”، لافتة إلى اللقاء بين حاكم كاليفورنيا الديمقراطي غافين نيوسوم، وحاكم فلوريدا الجمهوري رون ديسانتيس، الذي عُرض على “فوكس” في 30 نوفمبر وجذب 5 ملايين مشاهد.

أثبتت المناظرات بين الحزبين أنها عنصر جذب قوي لمشاهدي الأخبار على قنوات الكيبل، حيث استقطبت المناظرة الرئاسية بين ترمب والرئيس جو بايدن أكثر من 51.3 مليون مشاهد عبر 17 شبكة بثتها في يونيو.

وبعد انسحاب بايدن من السباق الرئاسي في الشهر الماضي، تردد ترمب حيال المشاركة في المناظرات، وأعلن في أغسطس أنه لن يشارك في مناظرة كانت مقررة على قناة “إيه بي سي نيوز” في سبتمبر، إلا إن وافقت كامالا هاريس على مناظرته أولاً عبر “فوكس”. لكنه عاد عن موقفه لاحقاً، ومن المقرر الآن أن يشارك في مناظرة “إيه بي سي نيوز” في 10 سبتمبر.

تجنب برامج بعينها

رغم أن الديمقراطيين باتوا يطلون أكثر عبر “فوكس نيوز”، إلا أنهم يختارون بعناية البرامج التي يشاركون فيها. قال النائب جاريد موسكوفيتز إنه يعير أهمية للوصول إلى ناخبيه في ولاية فلوريدا ذات الأغلبية الجمهورية، حيث يشاهد الكثير منهم قناة “فوكس”. على الرغم من تلقيه مزيداً من الدعوات للظهور عبر القناة في الآونة الأخيرة، فهو حريص على عدم تخطي بعض الحدود، ولا يرغب في أن يصبح جزءاً من “الدعاية” المحافظة.

قال موسكوفيتز: “أنا مستعد للمشاركة في كل واحد من البرامج الإخبارية على فوكس… ولكنني لن أشارك في البرامج الترفيهية المسائية التي تعرض في وقت متأخر”، مشيراً إلى برنامج شون هانيتي كمثال عن البرامج المسائية التي يتجنبها. إذ يصف موقع “فوكس نيوز” البرنامج على أنه “صريح ومثير للجدل وبلا قيود”، فيما يواصل هانيتي، كما غيره من مقدمي البرامج المسائية مهاجمة الديمقراطيين. لكن يرى موسكوفيتز أهميةً في مواصلة الديمقراطيين والجمهوريين الظهور عبر قنوات لا تتماشى بالضرورة مع توجهاتهم العقائدية.

قال: “ستتلقى أسئلة أصعب كديمقراطي على فوكس مقارنة بالشبكات الأقرب لوجهة نظرك، لكن ما المشكلة في ذلك؟ اذهب وواجه الأسئلة الصعبة، فهذا هو الهدف”.

يُفضل النائب غلين آيفي الظهور في البرامج التي يديرها “صحفيون حقيقيون”، وليس فقط “أشخاص يحاولون إثبات وجهة نظر معينة.” ويصف تجربته مع برنامج المذيع نيل كافوتو على “فوكس” بالإيجابية، وقال: “لن تحصل على معاملة خاصة، ولكن ليست لديه أجندة خفية”.

منفعة متبادلة

يرى آيفي أن زيادة استضافة “فوكس” للساسة الديمقراطيين ربما تهدف جزئياً لتحسين صورتها بعد التسوية الضخمة التي وافقت عليها العام الماضي في قضية التشهير التي رفعتها ضدها شركة “دومينيون” لأنظمة التصويت (Dominion Voting Systems)، بعد أن اتهمت الشبكة بنشر تقارير كاذبة تزعم التلاعب بأجهزة التصويت الخاصة بـ”دومينيون” لصالح بايدن في انتخابات 2020.

وفي بيان حول التسوية، قالت “فوكس”: “نعترف بقرارات المحكمة التي وجدت أن بعض الادعاءات المتعلقة بـ(دومينيون) كانت غير صحيحة”.

قال آيفي: “ربما كان ذلك جرس إنذار كي يصبحوا أكثر توازناً، أو أقلّه كي لا يقدموا أخباراً تجافي النزاهة”.

أما عضو مجلس الشيوخ الديمقراطي عن بنسلفانيا، جون فيترمان، فيرى أن الظهور عبر “فوكس” يتيح له الوصول إلى جمهور أوسع، وأيضاً توجيه تحية شخصية لوالديه، وهما من متابعي القناة بانتظام. قال في بيان: “كانوا صريحين في جميع المقابلات التي أجريتها في العام الماضي، ودائماً ما أقول مرحباً لأبي وأمي، ففي منزلنا نشاهد فوكس. وهناك كثير من المنازل التي تتابع فوكس”.

بالفعل، مع وجود عدد كبير من المشاهدين الذين يتابعون “فوكس”، تأمل لوكر أن تطلّ نائبة الرئيس هاريس قريباً عبر شاشتها. وقالت “نوجه دعوة مفتوحة لها”

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى