الأسهمالاقتصادية

فضلًا فكر ثانية .. أساليبك في سوق الأسهم ستقودك لتحقيق الأرباح

يسعى المتداولون في سوق الأسهم -بداهة- إلى حصد أكبر قدر من الأرباح، ولذلك يقومون بدراسة الأسهم والأسواق التي يقومون بالاستثمار فيها، سعيًا وراء اختيار أفضل ملاذات لاستثماراتهم تمكنهم من تحقيق أعلى المكاسب.

ويستخدم المتداول في ذلك العديد من الاستراتيجيات، التي يعينه بعضها على تحقيق الأرباح بالفعل، ومنها ما ينتهي به إلى خسارة بعض رؤوس أمواله، بسبب استخدام أساليب خاطئة في إدارتها، وإن بدا بعضها “براقًا”.

الشراء المتدرج

ومن بين هذه الاستراتيجيات ما يعرف بأسلوب الشراء المتدرج، فإذا قرر المستثمر شراء 100 سهم في شركة ما، وكان سعر السهم 50 ريالًا فإنه يشتري 25 فقط أي الربع عند هذا السعر ويشتري 25 سهماً أخرى عند سعر 48 ريالًا و25 آخرى عند سعر 46 ريالًا وأخيرًا يقتنص 25 سهمًا بسعر 44 ريالًا للسهم.

وفي بعض الأحيان لا يكون الأمر مخططًا بهذا الشكل، ولكنه يقرر شراء 100 سهم بالفعل عند 50 ريالًا وعند انخفاض سعر السهم لـ45 ريالًا يقوم بشراء المزيد من الأسهم، وليكن 100 سهم أخرى بدلًا من بيع حيازته.

وتعتبر هذه الاستراتيجية والتي تعرف باللغة الإنجليزية”scale in” ويمكن ترجمتها إلى الشراء المتدرج من بين الاستراتيجيات الرائجة في الأسواق النامية والمتقدمة على حد سواء حيث أبلغ 40% من المتداولين في السوق الأمريكي أنهم استخدموها مرة واحدة على الأقل و25% استخدموها في أوقات متعددة.

والهدف الرئيسي من استخدام هذه الاستراتيجية هو تقليل متوسط شراء الأسهم، فإذا اشترى المتداول 100 سهم بـ50 ريالًا و100 أخرى ب40 فهذا يعني أنه اشترى الأسهم بمتوسط سعري 45 ريالًا للسهم.

وبالتالي إذا ارتفع سعر السهم إلى 60 ريالاً في وقت لاحق فهذا يعني أن ربحية السهم الواحد ستبلغ 15 ريالًا بدلًا من 10 ريالات لو اكتفى بالأسهم الأولى، كما أنه سيكون رابحًا إذا باع الأسهم كلها عند مستوى 50 ريالًا.

ضد الجهل

ويعتبر “وارين بافيت” هذه الاستراتيجيات بمثابة “تحوط ضد الجهل”، كما يعتبر أن محاولة زيادة الفرص الإحصائية للمتداول في السوق أمر بلا جدوى في ظل عشرات آلالاف من المتغيرات التي تؤثر في السوق والتي تجعل مثل هذه المحاولات عشوائية وغير معتمدة على دراسة حقيقية للسوق.

67799ec0 b17b 4dfa 95cd 2bfb2eae9833 Detafour

البيع التدريجي

وهناك أسلوب معاكس لهذه الطريقة يعرف باسم الخروج المتدرج من السوق أو “scale out” ويقصد به أنه إذا اشترى المتداول 100 سهم عند سعر 50 ريالًا فإنه يبيع 50 عند سعر 55 ريالًا ويبيع 40 سهمًا عند مستوى 60 ريالًا ليترك 10 أسهم فقط يبتغي بها مستوى 65 ريالًا.

وهو بذلك قسم الأسهم التي اشتراها بين أسهم كثيرة منخفضة المخاطرة وأسهم أقل في العدد متوسطة المخاطرة وأسهم قليلة كأسهم عالية المخاطرة، وإن كان هذا يعد “تحوطًأ ضد الجهل أيضًا” ولكنّ كثيرين يستخدمون هذا الأسلوب.

ويمكن أن نضرب مثلًا عمليًا هنا بأسهم “مايكروسوفت” فعملاق التكنولوجيا الأمريكي يتوقع أن يبلغ سعر سهمه في نهاية يوليو 2025 حوالي 490 دولاراً كسعر مرجح، بنسبة نمو تفوق 14%، بينما تشير أسوأ توقعات السهم إلى نموه 2.17% ليبلغ 436 دولاراً.

أما مع أفضل توقعات  السهم فتصل به إلى 600 دولار بنسبة نمو 40%، فقد يقوم البعض بشراء سهم مايكروسوفت عند مستوياته الحالية عند حوالي 426 دولارًا للسهم، ليبيع نصف حيازاته عند مستوى 490 دولاراً ثم الربع أو 40% عند مستوى 525 دولاراً -بوصفه مستوى أعلى لكنه دون المستوى الأعلى المنتظر- وينتظر بالنسبة الباقية أعلى المستويات المتوقعة خلال عام.

والهدف الرئيسي من هذه الطريقة وجود خطة واضحة تتجنب ما يصيب 80% من المتداولين في سوق الأسهم الأمريكية، وفقًا لدراسة لجامعة “ستانفورد”، بالاحتفاظ بالأسهم أكثر مما ينبغي مما يجعل مكاسبهم تنقلب خسائر.

ويجب ملاحظة أنه في حال الحيازات الكبيرة، أي التي تشكل نسبة مئوية من إجمالي أسهم الشركة، فإنه يجب أن يكون البيع تدريجيًا تجنبًا لإصابة سعر السهم بهزة كبيرة، أما في حالة الحيازات التي تقل عن 1% من إجمالي الأسهم فإن هذا الأمر ليس ضروريًا.

f55f1cc5 680d 4c74 8f51 ad1323d52df9 Detafour

البداية مكسب ينقلب خسارة

وينطبق ما سبق مع مقولة تروج أحيانا في السوق الأمريكي بأنه يمكن للمتداولين تعلم الكثير من الأمور في سوق الأسهم، لكنه يصعب على غالبيتهم التخلص من “الطمع” الذي يؤذيهم، لا سيما في ظل سيطرة مفهوم الرغبة في حصد “المكاسب السهلة” على كثير من المتداولين في السوق.

ويظهر تأثير الطمع بصورة أكبر بعد تجربة أولى ناجحة في سوق الأسهم، حيث عادة ما يقدم الأشخاص على التوسع في الشراء، وبدراسة أقل من المرة الأولى التي دخلوا فيها الأسهم، وذلك لاعتقاد غالبيتهم، بأنهم راكموا خبرة جيدة، فقط باستثمار واحد ناجح، ولذا ليسوا بحاجة للدراسة بنفس التفاصيل ويتخذون قرارهم الاستثماري بسرعة أكبر وبدراسة أقل.

 ولذلك تشير الدراسات إلى أن 90% من المنخرطين في سوق الأسهم الأمريكية يخسرون، مع أن أكثر من ثلثي الصفقات الأولى في السوق تكون ناجحة، بما يوحي بأن الطمع من جهة والاعتقاد بأن “الأمر سهل” من جهة أخرى يقودهم للتصرف بشكل خاطئ في السوق لاحقًا.

العيش في الحاضر فقط

ومن ضمن أهم الأسباب التي تؤدي لخسارة هذه النسبة الكبيرة من المتداولين ما يعرف بـ”الانحياز للحالي” أو الاعتقاد بأن الوضع الراهن لن يتغير أو على الأقل بأن اتجاه السوق لن يتغير في المدى المنظور، حتى وإن ظهرت أسباب حقيقية تدعو للتفكير بأن الاتجاه في سبيله للتغير.

ولذلك فإن أكثر من 81 % من المتعاملين في سوق الأسهم في أوقات الهبوط (الدببة) لا يتحسّبون لارتفاعها، وتصل النسبة إلى أكثر من 87% من المتداولين الذين لا يتحسّبون لانخفاض السوق الصاعدة ويتصرفون في الحالتين كما لو كان وضع السوق “الآني” مستمرا طويلًا.

ويشير الملياردير والمستثمر الأمريكي الشهير “كارل إيكان” إلى أن تحسّبه لارتفاع وانخفاض قيمة الأصول والأسهم كان السبب الرئيسي وراء ثروته الكبيرة، معتبرًا أنه لا يوجد منحنى “دائم” سواء بالصعود أو بالتراجع وهو ما يعد تأكيدًا على فكرة غياب الانحيازات المتعلقة باختبار الانعكاس الإدراكي لدى الملياردير الشهير.

113982d6 f709 45a8 b597 d4b0dfb1184b Detafour

ويرى “إيكان” أنه على المرء ألا يشتري “غير المرغوب فيه” لأنه يكون رخيصًا، ولكن بالطبع بعد انتقائه والتأكد من قيمته العالية رغم عدم الرغبة به، وهو في ذلك يؤكد أيضًا رؤيته لدخول السوق في أوقات التراجع- بعد حسابات دقيقة بالطبع- ضمانًا لشراء الأسهم في أوقات القيعان وتحقيق أرباح قياسية.

وفي المقابل، على المستثمر الانتباه جديًا إلى ما يعرف باسم تأثير “التخلص”، الذي يأتي من النصيحة الشهيرة في الأسواق وهي “تخلص من الأسهم الفاشلة واحتفظ بتلك الناجحة”، ولكنه وكنتيجة للخوف والطمع، فإن ثُلث المستثمرين التقليديين أو صغار المستثمرين فقط هم الذين يستطيعون تطبيق هذه النصيحة، وحتى نسبة 70% من هذا الثلث لا تتمكن من تحقيقها بشكل دائم، ولكن بشكل جزئي.

ولا شك أن الشراء والبيع المتدرجين والانحياز للوضع الحالي ورفض رؤية التغييرات المقبلة، و”الانخداع” بالبدايات المزدهرة من أبرز الأخطاء التي يرتكبها الكثير من المستثمرين في سوق الأسهم والتي تؤدي بهم إلى خسارة رؤوس أموالهم.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى