زيارة ماكرون: هل ستعيد العلاقات الاقتصادية المغربية الفرنسية إلى سابق عهدها؟
في ظل التوترات التي شهدتها العلاقات المغربية الفرنسية في السنوات الأخيرة، تأتي زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى المغرب كفرصة استراتيجية تهدف إلى إعادة الروح للاستثمارات الفرنسية في المملكة.
تأتي هذه الزيارة في وقت حساس، حيث يسعى المغرب إلى استثمار كميات ضخمة في مشاريع جديدة خلال السنوات المقبلة، مما يجعلها لحظة مهمة لتعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين.
وعند النظر إلى الأرقام، تظل فرنسا في مقدمة المستثمرين بالمغرب، حيث بلغ صافي تدفق الاستثمارات الفرنسية 6.8 مليارات درهم في العام الماضي، بزيادة ملحوظة بنسبة 79.5% مقارنة بـ 3.8 مليارات درهم في عام 2022.
ولكن، رغم هذا الحضور القوي، يرى الكثير من المراقبين أن استمرار التوترات قد يؤدي إلى تراجع الاستثمارات الفرنسية لصالح دول أخرى مثل إسبانيا والإمارات والمملكة المتحدة، التي تسعى لتعزيز علاقاتها الاقتصادية مع المغرب.
في هذا السياق، أكد الخبير الاقتصادي زكرياء كارتي أن زيارة ماكرون ستعطي دفعة قوية للشركات الفرنسية للمشاركة في مشاريع البنية التحتية الوطنية.
ورغم تراجع العلاقات الاقتصادية، إلا أن الشركات الفرنسية لم تغادر المغرب، بل حافظت على وجودها.
وأشار كارتي إلى أن الشركات الفرنسية الخاصة كانت تأخذ مسافة من السياسات الرسمية بسبب أهمية السوق المغربية، حيث تستثمر العديد من الشركات الكبرى المدرجة في مؤشر CAC40 في المغرب.
ومع ذلك، بعض البنوك الفرنسية انسحبت من السوق الأوروبية، لكن ذلك لم يكن بسبب التوترات بين البلدين، بل كان رغبة منها في التركيز على السوق الأوروبية.
و تواجه المغرب تحديات جديدة، خاصة فيما يتعلق بالمنافسة من إسبانيا على العقود الكبرى، مثل مشروع السكك الحديدية. هذا الوضع يجعل المغرب في موقف حرج، حيث يجب عليه موازنة علاقاته مع كل من فرنسا وإسبانيا، خاصة في ظل الاهتمام المشترك بتنظيم كأس العالم 2030.
ومن جهة أخرى، تسعى شركة “إنجي” الفرنسية للحصول على عقد بناء خط جهد عالٍ يمتد بطول 1400 كيلومتر، مما يعكس التوجه الفرنسي نحو الاستثمار في الأقاليم الجنوبية للمملكة.
و من المتوقع أن يتم تمويل المشروع من قبل بنك الاستثمار الأوروبي، الذي يلعب دورًا هامًا في دعم المشاريع الفرنسية في المغرب.
إن زيارة ماكرون للمغرب تمثل فرصة لإعادة تنشيط العلاقات الاقتصادية بين البلدين، ولكنها تتطلب من المغرب إدارة علاقاته بحذر لتحقيق التوازن بين حلفائه وتعزيز استثماراته.