حماية المعطيات الشخصية في المغرب..رهان مجتمعي يتجاوز التقنية
أكد عمر السغروشني، رئيس اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي، أن حماية المعطيات الشخصية لا تقتصر على مسألة فردية، بل هي رهانات مجتمعية تتطلب رؤية شمولية تتجاوز الأبعاد التقنية البسيطة.
وفي حوار مع جريدة لوماتان، أوضح السغروشني أن النظرة التقليدية التي تعتبر حماية المعطيات الشخصية مسؤولية فردية، لا تأخذ في الحسبان الأبعاد المجتمعية والاقتصادية، ما يجعلها مسألة حيوية في بناء شراكات دولية وجذب الاستثمارات.
وبيّن أن ضمان مستوى عالٍ من الحماية لهذه المعطيات يعزز ثقة المستثمرين ويقلل المخاطر المحتملة.
وأشار السغروشني إلى أن المغرب يسعى لتحقيق توازن بين التقدم الرقمي واحترام خصوصية الأفراد، مؤكداً أنه لا يمكن تحقيق نهضة رقمية عبر نشر بيانات غير موثوقة، مما يبرز أهمية تقنين البيانات وضمان جودتها.
وشدد على ضرورة تعزيز السيادة الرقمية، موضحاً أن الاحتفاظ بالمعطيات الحساسة داخل الحدود الوطنية ليس كافياً. وأكد على أهمية تطوير آليات حماية البيانات على الصعيد الدولي لضمان استمرارية قانونية واستغلال أفضل للاختصاصات القضائية.
وأشار إلى أن بناء مجتمع رقمي حديث يتطلب رؤية مستقبلية ترتكز على ثلاثة محاور رئيسية: حماية بيانات المواطن، تعزيز الاقتصاد الوطني والمصالح الرقمية، و السيادة الرقمية. لكنه دعا إلى توسيع النقاش ليشمل أبعاد مجتمعية وحضارية أعمق.
ورغم التقدم الذي أحرزه المغرب في المجال الرقمي، أقر السغروشني بأن المملكة لا تزال في مراحلها الأولى في استخدام التقنيات الناشئة مثل الذكاء الاصطناعي و البيانات الضخمة لحماية المعطيات الشخصية، مؤكداً على ضرورة بناء رؤية مجتمعية شاملة تواكب هذا التطور التكنولوجي.
كما أعرب عن ارتياحه للتقدم الذي تحقق على مستوى التعديلات القانونية لمواكبة تحديات التكنولوجيا الرقمية، مشيراً إلى دور مؤسسات حكومية مثل الأمانة العامة للحكومة و المديرية العامة للأمن الوطني، إلى جانب القطاع الخاص والجمعيات.
وشدد السغروشني على أهمية الاستمرار في تطوير البنية التحتية الرقمية، مشيداً بالخطوات الكبيرة التي حققها المغرب منذ بداية عهد الملك محمد السادس، داعياً إلى تجنب ما سماه “الرقمنة غير المتسقة” التي قد تؤثر سلباً على التنمية.
وأكد في الختام أن المواطن يجب أن يكون العنصر المحوري في أي استراتيجية رقمية، مشدداً على ضرورة حماية معطياته الشخصية وضمان استخدامها بشكل آمن ومسؤول. وأبرز أن المغرب يمتلك القدرات والموارد و الإرادة السياسية لتحقيق ذلك، مما يجعله مؤهلاً لبناء منظومة رقمية متكاملة تجمع بين الكفاءة والابتكار.
حماية المعطيات الشخصية في المغرب تمثل تحدياً استراتيجياً يتطلب تعاوناً بين مختلف الفاعلين، سواء على المستوى الحكومي أو الخاص. ورغم التحديات، فإن المملكة تسير بخطى ثابتة نحو تحقيق سيادة رقمية تحترم حقوق الأفراد وتدعم الاقتصاد الوطني.