تحول صناعة الأسمنت إلى قطاع خالٍ من الانبعاثات

تعد صناعة الأسمنت والخرسانة من الأعمدة الأساسية لأي نهضة عمرانية، حيث تلعب دورًا محوريًا في تطوير قطاع الإنشاءات والتعمير. ومع ذلك، تواجه هذه الصناعة تحديات كبيرة بسبب انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الضخمة الناتجة عنها.
تمثل صناعة الأسمنت حوالي 7% من انبعاثات الكربون العالمية، ما يعادل نحو 1.6 مليار طن متري سنويًا، وهو ما يضع هذا القطاع في مرتبة مقاربة لانبعاثات دولة كبيرة مثل روسيا.
ورغم أن هذه الصناعة ضرورية للنمو العمراني، إلا أنها تسهم بشكل كبير في زيادة التغيرات المناخية، مما يجعل التحول إلى “صناعة خضراء” أمرًا ضروريًا.
في السنوات الأخيرة، بدأت العديد من الشركات الرائدة في قطاع الأسمنت بتبني تقنيات جديدة تهدف إلى تقليل الانبعاثات وتحقيق أهداف المناخ العالمية.
و من أبرز هذه التقنيات هو احتجاز وتخزين الكربون، والذي يُعتبر من الحلول الواعدة للحد من الانبعاثات، على الرغم من تحديات انتشاره في كافة مصانع الأسمنت نظرًا لعدم توفره بشكل واسع.
أكبر الدول المنتجة للأسمنت في العالم خلال عام 2023 |
||||
الترتيب |
|
الدولة |
|
حجم الإنتاج (بالمليون طن متري) |
1 |
|
الصين |
|
2100 |
2 |
|
الهند |
|
410 |
3 |
|
فيتنام |
|
110 |
4 |
|
الولايات المتحدة |
|
91 |
5 |
|
تركيا |
|
79 |
6 |
|
إيران |
|
65 |
7 |
|
البرازيل |
|
63 |
8 |
|
إندونيسيا |
|
62 |
9 |
|
روسيا |
|
57 |
10 |
|
السعودية |
|
53 |
إلى جانب ذلك، يعكف القطاع على تقليل كمية الكلنكر المستخدم، وهو العنصر الأكثر كثافة في الكربون في صناعة الأسمنت.
يمكن تقليل هذه الكمية باستخدام مواد بديلة مثل الرماد المتطاير من محطات الكهرباء التي تعمل بالفحم، ولكن لا تزال هذه الحلول بحاجة إلى تطويرات إضافية لضمان استبدال الكلنكر بالكامل.
و تتوقع وكالة الطاقة الدولية أن يرتفع إنتاج الأسمنت بنسبة 17% بحلول عام 2050، مما يعكس أن الطلب على الأسمنت سيظل في ارتفاع مستمر.
وبالتالي، سيكون التوجه نحو تقنيات أكثر استدامة في تصنيع الأسمنت أمرًا حتميًا. يُعد تبني مبادئ الاقتصاد الدائري أحد الحلول الجذرية، مثل تحسين تصميمات المباني لتقليل استهلاك الخرسانة أو إعادة تدوير المواد المستخدمة في البناء.
من جهة أخرى، هناك تكنولوجيا احتجاز الكربون وتخزينه التي تهدف إلى تخزين ثاني أكسيد الكربون بشكل دائم في أعماق الأرض، وبذلك يتم تقليص الانبعاثات الناتجة عن صناعة الأسمنت بنسبة تصل إلى 85%.
ورغم أن هذه التقنية تُعد إنجازًا بيئيًا مهمًا، إلا أنها تواجه تحديات لوجستية كبيرة، خصوصًا في المصانع التي لا تقع بالقرب من ساحل البحر أو خطوط الأنابيب.
تسعى العديد من الشركات العالمية لتطبيق حلول مبتكرة في هذا الاتجاه، مثل شركة “سيمكس” المكسيكية التي تعمل على تطوير أسمنت منخفض الكربون باستخدام تقنيات جديدة، وتطبيق تجربة احتجاز الكربون بشكل فعال.
وكذلك، تقوم شركة “لافارج هولسيم” الفرنسية بتطوير أسمنت منخفض الانبعاثات باستخدام الأفران الكهربائية، كما تركز على استخدام مواد محلية ومتجددة.
على الرغم من الابتكارات التي تشهدها صناعة الأسمنت، يواجه هذا القطاع تحديات كبيرة في التحول إلى صناعة خضراء، لا سيما فيما يتعلق بالتكلفة العالية للاستثمارات في البنية التحتية والتقنيات الجديدة. ومع استمرار البحث والتطوير، قد تستغرق هذه التحولات وقتًا طويلاً.
ولكن مع تزايد الضغط العالمي من أجل تقليل الانبعاثات والحد من التغيرات المناخية، قد تتسارع وتيرة هذا التحول، خاصة مع دعم الحكومات للسياسات البيئية من خلال برامج دعم مالي وحوافز ضريبية.