بوادر أزمة جديدة .. هل يعيد نيويورك كوميونيتي تجربة انهيار بنك سيليكون فالي؟
شهد القطاع المصرفي الأمريكي في العام الماضي أزمة أثارت مخاوف كبيرة من حدوث عدوى مالية، بعد انهيار مجموعة من البنوك متوسطة الحجم بضغط من تدافع المودعين لسحب أموالهم خوفًا من إفلاس هذه المؤسسات.
وشملت هذه الانهيارات “سيليكون فالي بنك” و”سيلفرجيت” و”سيجنتشر بنك” و”فيرست ريبابليك”، لكن “سيليكون فالي” و”فيرست ريبابليك” كانا الأكثر إثارة للقلق نظرًا لحجم أصولهما البالغ – عند الانهيار – 209 مليارات و229 مليار دولار على التوالي.
هذه الأزمة تسببت آنذاك في تداعيات عدة، حيث اضطر الاحتياطي الفيدرالي والمنظمين الآخرين، للتدخل من أجل توفير السيولة وطمأنة المودعين وتمكينهم من الحصول على أموالهم، لمنع العدوى المالية.
علاوة على ذلك، تراجعت أسهم البنوك بشكل ملحوظ، وتكبدت أسهم المصارف الإقليمية خسائر أكثر حدة من غيرها، والآن، في الوقت الذي يستعد فيه الفيدرالي لإنهاء برنامج تمويل البنوك الطارئ، ظهرت بوادر أزمة مماثلة تعيد للأذهان انهيارات العام الماضي.
بنك جديد يترنح
– يوم الأربعاء 31 يناير، انخفض سهم بنك “نيويورك كوميونيتي بانكورب- New York Community Bancorp” (رمز: NYCB) بنسبة 38%، وهي أعلى وتيرة هبوط في تاريخه، وواصل تراجعه في جلسة الخميس ليلامس أدنى مستوياته منذ 24 عامًا.
– تسبب ذلك في انخفاض جماعي حاد لأسهم البنوك الإقليمية في الولايات المتحدة، التي تراجع بعضها بأكثر من 10% خلال تعاملات الخميس، وسط مخاوف بشأن تردد صدى هذه المشكلة الفردية في القطاع كما حدث مع “سيليكون فالي”.
– جاء التراجع الحاد في سعر السهم بعدما أعلن البنك الأربعاء تسجيله خسارة فصلية قدرها 252 مليون دولار، مقارنة بتوقعات أشارت إلى أرباح قدرها 206 ملايين دولار.
– اضطر البنك أيضًا إلى خفض توزيعات الأرباح بأكثر من الثلثين، لتعزيز رأس المال من أجل الوفاء بالمتطلبات التنظيمية التي تصنفه كمصرف من الفئة الرابعة بأصول تتراوح بين 100 مليار و250 مليار دولار.
– كشف أيضًا البنك الإقليمي (متوسط الحجم) الأمريكي، عن ارتفاع مخصصات خسائر القروض في الربع الرابع من عام 2023 إلى 552 مليون دولار، ما يعادل 10 أمثال ما توقعه المحللون.
مشكلة أعمق
– المخاوف التي نشأت عقب إعلان البنك نتائج أعماله، لا تعود بشكل مباشر إلى حقيقة أنه سجل خسائر مفاجئة، وإنما إلى تكبده 185 مليون دولار من الخسائر بسبب قرضين، أحدهما قرض عقاري مكتبي.
– في حين قال البعض في وول ستريت إن المشكلات تبدو محصورة في التحديات المعروفة لتلبية متطلبات رأس المال، يراهن المستثمرون على أن المشكلة في قرض مكتبي واحد يمكن أن تؤدي إلى خسائر لدى المقرضين الآخرين.
– يشهد سوق المساحات المكتبية ضغوطًا حادة حاليًا مع ضعف الطلب في ظل بقاء شريحة واسعة من العمال في منازلهم، ومن المحتمل أن تؤثر قيمة القروض المرتبطة بالقطاع على البنوك الإقليمية.
– قال “كيث هورويتز” المحلل المصرفي في “سيتي جروب”، إن نتائج “نيويورك كوميونيتي بانكورب” كانت أسوأ بكثير حتى من التوقعات الأكثر تشاؤمًا، لكن المشكلات مع المقرض “معزولة”.
– قالت وكالة “موديز” صباح الخميس، إنها وضعت جميع التصنيفات والتقييمات طويلة الأجل وقصيرة الأجل للبنك ووحدة “فلاجستار بنك- Flagstar Bank” التابعة له قيد المراجعة، استعدادًا لخفض تصنيفه الحالي المستقر.
– في أسباب المراجعة، أشارت “موديز” إلى أن الخسارة غير المتوقعة للبنك في القرض المكتبي والأعمال المرتبطة بالعقارات السكنية الأخرى، والأرباح الضعيفة، والانخفاض المادي في رأس ماله، والاعتماد الكبير والمتزايد على التمويل بالجملة.
عودة شبح أزمة الربيع
– استحوذ “نيويورك كوميونيتي” على بعض أصول “سيجنيتشر بنك” الذي انهار في ربيع عام 2023، ما أدى إلى تحسين رسملته وقدرته التمويلية، لكن هذه المؤشرات تدهورت إلى مستويات ما قبل الاستحواذ اعتبارًا من 31 ديسمبر.
– يرجع ذلك جزئيًا إلى أنه يجب على البنك الآن تلبية المتطلبات التنظيمية لكونه بنكًا كبيرًا من الفئة الرابعة، وقالت وكالة موديز إنها “تتوقع أن تظل الرسملة والتمويل تحت الضغط”.
– يأتي ذلك كله في الوقت الذي أعلن فيه الاحتياطي الفيدرالي أنه سينهي برنامج التمويل لصالح البنوك، الذي أطلقه خلال أزمة المصارف الإقليمية في عام 2023، وذلك بحلول 11 مارس المقبل.
– بعد إغلاق التداولات يوم الأربعاء، قال البنك إنه يتوقع أن يتراوح صافي دخل الفوائد لعام 2024 بين 2.8 مليار دولار و2.9 مليار دولار، وهو ما يفوق تقديرات “فاكت ست” البالغة 2.76 مليار دولار.
– مع ذلك، أكد محللو “ويدبوش” توصيتهم لسهم البنك عند “ضعيف الأداء”، رغم إقراره بأن توقعات صافي دخل الفائدة الجديدة أعلى من تقديراته السابقة البالغة 2.7 مليار دولار.
– فيما قال محللو “جيفريز”: “الإجراءات التي اتخذها البنك حتى الآن هي خطوة قوية إلى الأمام، لكنها تضعف الربحية بشكل كبير نظرًا للحاجة إلى رأس مال وسيولة أعلى، والبنك يتخلف عن أقرانه من الفئة الرابعة بشكل متواضع”.