الاقتصادية

الولايات المتحدة على حافة رقم قياسي… الإغلاق الحكومي يواصل نزيف الاقتصاد

دخلت الحكومة الفيدرالية الأمريكية في إغلاقها الأسبوع الخامس بعد فشل الكونجرس في تمرير قانون تمويل مؤقت، ليقترب البلد من أطول فترة إغلاق في تاريخه.

ورغم مرور الأسابيع، لا تبدو هناك بوادر واضحة لحل الأزمة، ما يفاقم القلق الاقتصادي والاجتماعي في الوقت ذاته.

تشير أغلب استطلاعات الرأي إلى تحميل الرئيس “دونالد ترامب” والجمهوريين المسؤولية الأكبر عن الإغلاق مقارنة بالديمقراطيين، بفارق يزيد عن 10%. وتبدأ آثار الأزمة في الظهور بوضوح، من تأخر رواتب الموظفين الفيدراليين إلى تهديد برامج الدعم الغذائي للأسر ذات الدخل المحدود، فضلاً عن نقص البيانات الاقتصادية الهامة التي تزيد من تعقيد مهمة الاحتياطي الفيدرالي في إدارة السياسة النقدية.

وفق تقرير لمكتب المحاسبة بالكونجرس، يُتوقع أن يفقد الاقتصاد الأمريكي ما بين 7 و14 مليار دولار نتيجة الإغلاق، مع انخفاض مؤقت للناتج المحلي الإجمالي بمعدل يتراوح بين نقطة مئوية واحدة إلى نقطتين مئويتين في الربع الرابع من العام.

ورغم أن الإنتاج قد يتعافى بعد إعادة فتح الحكومة، فإن ساعات العمل الضائعة للموظفين الفيدراليين ستترك أثرًا دائمًا على الناتج المحلي الإجمالي، ويزداد هذا التأثير كلما طال الإغلاق.

إذا استمر الإغلاق حتى منتصف نوفمبر، فمن المتوقع أن يتكبد الاقتصاد خسارة دائمة تبلغ 11 مليار دولار بحلول نهاية 2026، وترتفع إلى 14 مليار دولار إذا طال الإغلاق حتى نهاية الشهر الجاري.

مع اقتراب موسم “عيد الشكر”، حذر نائب الرئيس الأمريكي “جيه دي فانس” من كارثة وشيكة في قطاع السفر، مؤكدًا أن استمرار الإغلاق قد يؤدي إلى نقص الموظفين وتأخير الرحلات وزيادة طوابير التفتيش في المطارات.

وأفادت وزارة النقل بأن الإغلاق لمدة 30 يومًا تسبب بالفعل في تأخيرات واسعة للرحلات نتيجة غياب مراقبي الحركة الجوية، ما أثر على آلاف المسافرين. وشددت شركات الطيران، مثل “دلتا إيرلاينز”، على ضرورة تمرير الكونجرس لقانون تمويل مؤقت لإعادة فتح الحكومة واستئناف الخدمات الحيوية.

يستفيد أكثر من 40 مليون أمريكي من برنامج المساعدات الغذائية “قسائم الطعام”، الذي كان يغطي الأسابيع الأربعة الأولى من الإغلاق، لكن الإدارة أعلنت نفاد التمويل في الأول من نوفمبر.

وأصدرت محاكم فيدرالية أوامر للحفاظ على صرف هذه المساعدات من حسابات الطوارئ لضمان استمرار دعم الأسر ذات الدخل المحدود، إذ يمثل البرنامج حوالي 10% من مبيعات البقالة بالتجزئة، ما يعني أن أي انقطاع قد يبطئ الاستهلاك ويرفع الضغوط على الاقتصاد.

يعاني آلاف الموظفين المدنيين الفيدراليين من توقف رواتبهم منذ بداية الإغلاق، ما دفع بنوك الطعام لتلبية احتياجاتهم بشكل متزايد، خصوصًا في العاصمة واشنطن. وتشير التقديرات إلى أنه إذا استمر الإغلاق حتى الأول من ديسمبر، فإن نحو 4.5 مليون راتب للموظفين المدنيين قد تُحجب، بقيمة إجمالية تقارب 21 مليون دولار.

شهدت فترة رئاسة “ترامب” سابقًا أطول فترتين إغلاق في التاريخ، كانت الأولى بين ديسمبر 2018 ويناير 2019، استمرت 35 يومًا نتيجة خلاف حول تمويل سياسة الهجرة، مما يعكس حجم التأثيرات المحتملة للإغلاق الحالي إذا لم يتم التوصل إلى حل سريع.

في حال لم يتوصل الكونجرس إلى اتفاق لإعادة فتح الحكومة خلال الأيام القليلة المقبلة، فإن الإغلاق الحالي سيصبح الأطول في تاريخ الولايات المتحدة، مسجلًا رقمًا قياسيًا، ويستمر الاقتصاد الأكبر في العالم في النزيف، بينما يزداد الضغط على المواطنين وتتفاقم حالة عدم اليقين الاقتصادي. يبقى السؤال المطروح: متى ستستعيد الحكومة الأمريكية أبوابها؟

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى