المشاعر واللاوعي .. لماذا تؤثر الأولمبياد سلبًا على أسواق الأسهم؟
تبارى محللو الأسواق وخبراء الاقتصاد لفترة طويلة في تحليل آثار الأحداث الرياضية الضخمة على الأسواق والاقتصاد، وبغض النظر عن التفاصيل البحثية، فإن المشاعر والحالات المزاجية ثبت أنها عادة ما تؤثر دون وعي على تقييمات المستثمرين للأسهم.
ومع ذلك، فمن المرجح أن تعاني أسواق الأوراق المالية العالمية حتى الحادي عشر من أغسطس، وهو الموعد الذي ستنتهي فيه دورة الألعاب الأوليمبية الصيفية في باريس.
من الناحية التاريخية كان أداء الأسهم أقل من المتوسط خلال المسابقات الرياضية الدولية، في تذكير بحجم الدور الذي تلعبه مشاعر المستثمرين في التقلبات قصيرة الأجل بسوق الأوراق المالية.
كيف تؤثر الرياضة على الأسواق؟
– يرجع تأثير المشاعر المرتبطة بالأحداث الرياضية إلى الطرق المختلفة التي يتفاعل بها المشجعون عندما تفوز فرقهم أو تخسر، وامتداد ذلك إلى العقل اللاواعي.
– في حين وجد الباحثون أن المشجعين المحبطين للفرق الخاسرة هم أكثر ميلاً إلى الانخراط في عمليات بيع عشوائية، فإنهم لم يجدوا أي عمليات شراء غير طبيعية من جانب مشجعي الفرق الفائزة.
– لأنه بطبيعة الحال سيكون عدد الفرق الخاسرة دائمًا أكبر من عدد الأبطال، وبالتالي فإن مؤشرات الأسهم العالمية تميل إلى المعاناة خلال المسابقات الدولية.
– كشفت دراسة نُشرت في مجلة “جورنال أوف فاينانس” عام 2007، وحملت عنوان “المشاعر الرياضية وعوائد الأسهم” وأجراها أساتذة التمويل “أليكس إدمانز” من كلية لندن للأعمال، و”دييجو جارسيا” من جامعة كارولينا الشمالية، و”أوفيند نورلي” من كلية الإدارة النرويجية.
– أفرزت دراستهم قدرًا هائلًا من الأبحاث اللاحقة، حيث أفاد موقع “جوجل سكولار” بأن أكثر من 1500 دراسة أجريت منذ عام 2007 استشهدت بدراستهم كمرجع.
إلام توصل الباحثون؟
– وجد أساتذة التمويل أن تأثير المشاعر الرياضية يكون أكثر وضوحًا عندما تلعب الفرق الوطنية ضد بعضها البعض، مثل كأس العالم لكرة القدم وخلال مباريات كرة القدم وكرة السلة في الألعاب الأولمبية، وفي المجمل، حلل الباحثون أكثر من ألفي حدث رياضي.
– تستند استنتاجات الأساتذة إلى متوسطات الأداء خلال هذه الأحداث العديدة، ولا يوجد ما يضمن أن سوق الأوراق المالية خلال حدث رياضي عالمي معين سوف يؤدي بشكل سيئ مثل هذه المتوسطات مجددًا.
– على سبيل المثال، خلال دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في بكين خلال فبراير 2022، خسر مؤشر “إم إس سي آي” لأسهم أوروبا وأستراليا والشرق الأقصى 0.4% من قيمته.
– لكن خلال دورة الألعاب الأوليمبية الصيفية الأخيرة، التي أقيمت في صيف عام 2021 في طوكيو، ارتفع مؤشر أوروبا وأستراليا والشرق الأقصى بنسبة 1.4%.
كيف تؤثر المشاعر؟
– الطريقة الوحيدة الموثوقة للاستفادة من تأثير المشاعر الرياضية هي الرهان على أن سوق الأسهم سوف يتراجع خلال كل من الأحداث الرياضية العالمية العديدة القادمة، لكن الرهان على الارتفاع خلال حدث بعينه يظل محفوفًا بالمخاطر.
– السبب الحقيقي لتسليط الضوء على أبحاث المشاعر المرتبطة بالأحداث الرياضية لا يقصد به التوصية باستراتيجية تداول قصيرة الأجل، ولكن للتذكير كيف يمكن للمشاعر والحالات المزاجية أن تؤثر دون وعي على التقييمات الموضوعية للأسهم.
– وجدت دراسة أخرى، شارك في تأليفها “إدمانز”، علاقة بين أداء سوق الأسهم في بلد ما في أسبوع معين وما إذا كانت الأغاني الأكثر استماعًا عبر منصة “سبوتيفاي” في ذلك الأسبوع سعيدة أم حزينة.
– إن الطريقة لتحصين الاستثمارات من التأثير اللاواعي للمشاعر، هي تبني استراتيجية استثمارية تحدد مسبقًا كيفية التفاعل إذا وقعت أحداث معينة، وبهذه الاستراتيجية، يمكن للمستثمر الاستمتاع بالألعاب الأولمبية دون القلق من أنه قد يفعل شيئًا سيندم عليه لاحقًا.