التشدد النقدي للاحتياطي الفيدرالي يعيد تشكيل توقعات الأسواق المالية
أشار استراتيجيون من بنك باركليز إلى أن التشدد الأخير لمجلس الاحتياطي الفيدرالي خلال اجتماعه الأخير شكّل “تصحيحًا ضروريًا” لحالة التفاؤل المفرط التي سادت أسواق الأسهم الأمريكية، مما أدى إلى مراجعة واسعة لتوقعات المستثمرين بشأن السياسة النقدية.
في مذكرة حديثة، أوضح فريق الاستراتيجيات بقيادة إيمانويل كاو أن “النشوة التي اجتاحت أجزاء من سوق الأسهم الأمريكية بدأت تتلاشى”، مشيرين إلى استطلاع أظهر ارتفاع توقعات المستهلكين بشأن أسعار الأسهم إلى أعلى مستوياتها منذ عام 1987.
هذا التفاؤل ارتبط بارتفاعات قياسية في الأصول مثل البيتكوين وأداء قوي لقطاعات التكنولوجيا والنمو، ما تسبب في تفوق هذه القطاعات على غيرها في السوق.
ومع ذلك، أشار التقرير إلى تدهور اتساع السوق، حيث ازداد عدد الأسهم الخاسرة مقارنة بالصاعدة بشكل يومي.
رغم استمرار تدفق المستثمرين الأفراد وعمليات الشراء عند التراجعات، أظهر المستثمرون المؤسسيون حذرًا متزايدًا، حيث قللوا من انكشافهم على السوق.
وأوضح الاستراتيجيون أن “كثيرًا من المستثمرين الذين التقيناهم مؤخرًا، ورغم تفاؤلهم، بدأوا في تقليل محافظهم وسط مخاوف من فرط النشاط في تداولات التجزئة”.
وأشار التقرير إلى أن التراجع الأخير في السوق، الناجم عن موقف الاحتياطي الفيدرالي، قد يكون فرصة لإعادة توظيف رأس المال مع بداية العام الجديد بعد إعادة ضبط توقعات السياسة النقدية.
يرى بنك باركليز أن الموقف المتشدد للاحتياطي الفيدرالي، والذي يشير إلى تقليص وتيرة تخفيض أسعار الفائدة، يُعد محفزًا محتملاً لتراجع السوق. وقد ارتفعت عوائد سندات الخزانة الأمريكية لأجل 10 سنوات إلى 4.5%، وهي عتبة قد تؤثر سلبًا على الأسهم من حيث الأداء والاتساع.
وأضاف الاستراتيجيون: “إذا استمر الاحتياطي الفيدرالي في خفض الفائدة بشكل محدود، فإن المخاطر الرئيسية في عام 2025 قد تتمثل في إبطاء وتيرة ارتفاع السوق”.
لم تقتصر التحديات على السياسة النقدية فحسب؛ إذ أشار التقرير إلى عودة النقاش المبكر حول سقف الدين، مما يعزز من احتمالات تقلب السياسات في السنوات المقبلة.
ويرجح بنك باركليز أن هذه العوامل قد تعيد تشكيل الأسواق بحلول عام 2025، ما قد يخلق فرصًا للأسواق الأوروبية التي عانت من فجوة كبيرة في الأداء مقارنة بالأسواق الأمريكية.
مع ضعف الأداء الأوروبي مقارنة بالولايات المتحدة، يرى بنك باركليز أن التقييمات وديناميكيات السوق في أوروبا أقل ازدحامًا وتوترًا. هذا الوضع قد يمنح الأسواق الأوروبية ميزة نسبية في العام المقبل، خاصة مع استمرار الضغط على الأسواق الأمريكية نتيجة السياسات الانكماشية.
بينما تستمر حالة عدم اليقين بشأن السياسة النقدية في تشكيل توقعات الأسواق، يشير التقرير إلى إمكانية حدوث تحول في مراكز القوة الاستثمارية بين الولايات المتحدة وأوروبا، مما يجعل العام المقبل مليئًا بالتحديات والفرص الجديدة.