التحديات المتزايدة للذكاء الاصطناعي في وسائل التواصل الاجتماعي
تستمر التكنولوجيا في السيطرة على جوانب حياتنا اليومية، وفي هذا السياق، يبرز الذكاء الاصطناعي كقوة متزايدة تلاحق البشر حتى في فضاءات العالم الافتراضي ومنصات التواصل الاجتماعي.
فظهور الحسابات المدارة بواسطة الذكاء الاصطناعي، والمعروفة بالبواتات، أثار جدلاً واسعاً نظرًا لما تحمله من تداعيات على الأفراد والمجتمع بشكل عام.
أثبت الذكاء الاصطناعي أنه سلاح ذو حدين في عالم وسائل التواصل الاجتماعي؛ فهو من جهة يحسن تجربة المستخدم من خلال تقديم محتوى مخصص ويُساعد في مراقبة المحتوى الضار وحذفه، ويُسهم في تسهيل الوصول إلى المحتوى الذي يرغب فيه المستخدمون.
لكن من جهة أخرى، أسهم في نشر المعلومات المضللة، والتلاعب بالرأي العام، وتهديد الثقة بسبب انتشار الحسابات المزيفة وتقنيات مثل التزييف العميق (Deepfake).
لمواجهة هذا الجانب المظلم، اتخذت شركة “ميتا” المالكة لفيسبوك وإنستجرام وواتساب، مؤخراً إجراءات حاسمة ضد الحسابات المدارة بواسطة الذكاء الاصطناعي. فقد قامت بحذف آلاف الحسابات المشتبه في إدارتها بواسطة الذكاء الاصطناعي على منصاتها.
لقد أصبحت الحسابات المدارة بالذكاء الاصطناعي قادرة على محاكاة السلوك البشري بشكل متقن، حيث تشارك في النقاشات، وتنشر المحتوى، وتقوم بالتفاعل مع الأحداث الجارية، ما جعل من الصعب التمييز بينها وبين النشاط البشري الحقيقي.
في نهاية عام 2024، أعلنت “ميتا” عن إزالة أكثر من 30,000 حساب على منصتي فيسبوك وإنستجرام بعد اكتشاف تورطها في نشر معلومات مضللة، مثل التلاعب بالمواضيع الشائعة، ونشر هاشتاجات معينة، وخلق تفاعلات وهمية.
وفي وقت لاحق من 2023، أطلقت “ميتا” شخصيات وهمية تديرها تقنيات الذكاء الاصطناعي على منصتي فيسبوك وإنستجرام، بهدف منح المستخدمين تجربة تفاعلية جديدة.
ورغم أن هذه الحسابات لم تحظ بشعبية كبيرة، إلا أنها أثارت جدلاً واسعًا، مما دفع “ميتا” إلى سحبها وتقييد ظهور نتائج البحث المتعلقة بها.
وفي وقت لاحق، تم إقرار أن هذه الشخصيات كانت جزءًا من تجربة غير رسمية لإطلاق شخصيات الذكاء الاصطناعي، مما أثار تساؤلات حول حدود الشفافية في استخدام هذه التقنية.
إحدى أبرز التحديات التي تواجهها وسائل التواصل الاجتماعي هي تقويض الثقة بسبب انتشار الحسابات المدارة بالذكاء الاصطناعي.
إذ يُظهر المستخدمون تزايد شكوكهم في مصداقية المحتوى والتفاعلات عبر الإنترنت. وقد تتسبب هذه الحسابات في جمع بيانات ضخمة من المستخدمين بشكل غير قانوني، مما يؤدي إلى انتهاك الخصوصية وتفاقم المخاوف الأمنية.
كذلك، تسهم الحسابات المزيفة في خلق تفاعلات وهمية تؤثر على قرارات تسويقية وتؤدي إلى هدر الموارد أو خداع المستهلكين.
أعداد مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي حتى 2024 وتوقعات حتى عام 2028 | |
السنة | عدد المستخدمين (بالمليار) |
2019 | 3.51 |
2020 | 3.91 |
2021 | 4.26 |
2022 | 4.59 |
2023 | 4.9 |
2024 | 5.17 |
2025 | 5.42 |
2026 | 5.65 |
2027 | 5.85 |
2028 | 6.05 |
الصراع ضد الحسابات المدارة بالذكاء الاصطناعي يثير العديد من القضايا الأخلاقية والتنظيمية. ففي الوقت الذي تستمر فيه “ميتا” في استخدام الذكاء الاصطناعي لاكتشاف الحسابات المزيفة، يطرح النقاش حول تنظيم هذه التقنية في منصات التواصل الاجتماعي تحديات كبيرة.
ومن بين هذه التحديات، ضرورة إيجاد توازن بين حماية حرية التعبير والحد من السلوكيات الضارة، وضمان الشفافية في كيفية التعامل مع المحتوى المدعوم بالذكاء الاصطناعي.
يُعد قانون الذكاء الاصطناعي الأوروبي نموذجًا للتوجهات التنظيمية التي قد تساهم في فرض لوائح صارمة على منصات مثل “ميتا”، ما يضمن مزيدًا من المسؤولية في استخدامها.
التحديات المتزايدة التي يواجهها المجتمع نتيجة انتشار الذكاء الاصطناعي في وسائل التواصل الاجتماعي تشير إلى أن هذه التقنية لن تختفي قريبًا. بل على العكس، ستتزايد المخاطر المرتبطة بإساءة استخدامها.
أكبر منصات وسائل التواصل الاجتماعي من حيث عدد المستخدمين النشطين شهرياً (وفقا لبيانات إبريل 2024) | ||
الترتيب | المنصة | عدد المستخدمين (بالمليار) |
1 | فيسبوك | 3.07 |
2 | يوتيوب | 2.50 |
3 | واتساب | 2.00 |
4 | إنستجرام | 2.00 |
5 | تيك توك | 1.36 |
6 | وي تشات | 1.36 |
7 | فيسبوك ماسنجر | 0.97 |
8 | تيليجرام | 0.90 |
9 | سناب شات | 0.80 |
10 | دوين | 0.75 |
ولذا فإن الشركات مثل “ميتا” يجب أن تظل يقظة وتستمر في الاستثمار في تقنيات الذكاء الاصطناعي للكشف عن الحسابات المزيفة وحذفها.
كما ينبغي للمجتمع أن يزداد وعيه بمخاطر الذكاء الاصطناعي عبر الإنترنت، مع تشجيع التفكير النقدي والتعليم الرقمي لضمان بيئة آمنة ومسؤولة على الإنترنت.