الإمارات تشهد طفرة في سوق السندات مع توقعات بارتفاع الإصدارات حتى 2025
تشهد دولة الإمارات العربية المتحدة زيادة كبيرة في معدلات الاقتراض، حيث يستمر إصدار السندات بوتيرة متسارعة، ومن المتوقع أن تمتد هذه الزيادة حتى عام 2025.
وفقًا لبيانات بلومبرغ، بلغت قيمة السندات المقومة بالدولار التي أصدرتها الشركات والجهات السيادية الإماراتية نحو 38.4 مليار دولار في 2024، مما يمثل زيادة بنسبة 54% مقارنة بالعام الماضي.
وهو أعلى مستوى من الاقتراض منذ عام 2020، الذي شهد ارتفاعًا ملحوظًا في الإصدارات بسبب جائحة كورونا.
وقد كانت السندات الحكومية، سواء على المستوى الاتحادي أو مستوى الإمارات الأعضاء، هي المهيمنة في هذا النشاط، بعكس العام الماضي حين تصدرت الشركات المشهد.
و تواصل الإمارات جذب الاستثمارات بفضل مزيج فريد من العوامل الاقتصادية، حيث تجمع بين مستويات دخل فردي مشابهة للدول المتقدمة، مع معدلات نمو اقتصادي تعكس طبيعة الأسواق الناشئة.
و يعزز اقتصاد الإمارات المتنوع – الذي يشمل النفط والتجارة والتمويل والسياحة – من مكانتها الاقتصادية، حيث وصلت قيمة صندوقها السيادي وسوق الأسهم إلى تريليون دولار لكل منهما.
إضافة إلى ذلك، تستفيد البلاد من فوائض مزدوجة في الميزانية والحساب الجاري، مع تصنيفات ائتمانية قوية من فئة “AA”، مما يبقي فروق المخاطر عند مستويات منخفضة مقارنة ببقية الأسواق الناشئة.
وقال فادي جندي، مدير صناديق الدخل الثابت في “أرقام كابيتال” بدبي، لبلومبرغ: “يستفيد المصدرون من انخفاض فروق المخاطر، كما أن بدء دورة خفض أسعار الفائدة العالمية يمثل دعمًا إضافيًا.
ومن المتوقع أن يشهد سوق السندات في الإمارات نشاطًا مكثفًا في 2025 نظرًا لارتفاع الاستحقاقات المتوقعة.”
في عام 2024، حققت السندات الإماراتية المقومة بالدولار عائدًا بلغ 4%، متفوقة على عائد 3.6% لسندات الأسواق الناشئة ذات التصنيف الاستثماري.
ورغم أن السندات ذات العائد المرتفع من دول مثل لبنان والأرجنتين هيمنت على السوق، بعوائد تجاوزت 70%، تظل السندات الإماراتية جاذبة بفضل استقرارها الائتماني، وهو عامل رئيسي في مواجهة مخاطر الديون المرتفعة في الأسواق الناشئة.
من جانب آخر، شهدت السندات الصادرة عن الحكومة الاتحادية وبعض الإمارات الكبرى إصدارًا استراتيجيًا للحفاظ على حضورها في السوق وإدارة منحنى العائد، دون الحاجة الماسة للتمويل.
وتطلب السندات الإماراتية حاليًا عائدًا إضافيًا قدره 77 نقطة أساس فوق سندات الخزانة الأمريكية، وهو ما يعكس فارقًا ضئيلًا مقارنة بالأسواق الناشئة التي يبلغ متوسط فروق المخاطر فيها 324 نقطة أساس.
بينما تواصل حكومة أبوظبي، ذات التصنيف الائتماني المرتفع، إصدار السندات في عام 2025 بشكل “انتهازي”، فإن بعض الإمارات الأصغر تواجه تحديات تمويلية أكبر.
و على سبيل المثال، تسعى إمارة الشارقة، التي سجلت عجزًا ماليًا بنسبة 6% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2023، إلى إصدار سندات جديدة لتغطية تكاليف خدمة الدين.
و في المقابل، تسعى إمارة رأس الخيمة للاستفادة من رفع تصنيفها الائتماني لاستكشاف خيارات إصدار سندات جديدة.
و يعود جزء من النشاط الحالي في سوق السندات الإماراتية إلى الحاجة إلى إعادة تمويل السندات التي أُصدرت خلال فترة جائحة كورونا في 2020، والتي تقترب الآن من الاستحقاق.
ومن المتوقع أن تصل قيمة الديون المستحقة في عام 2025 إلى 19.2 مليار دولار، مما سيدعم استمرار نشاط السوق الأولية، خاصة إذا استمرت تخفيضات الفائدة الأمريكية في دعم تكاليف اقتراض منخفضة.
وفيما يتعلق بأداء أسعار السندات، فإنه سيعتمد بشكل كبير على السياسات النقدية العالمية. فقد تراجع أداء سندات الأسواق الناشئة ذات التصنيف الاستثماري على الرغم من تخفيضات الفائدة الفيدرالية، مما جعلها الأرخص منذ ست سنوات مقارنة بالسندات ذات العائد المرتفع.
يبقى سوق السندات الإماراتي محط أنظار المستثمرين، مستفيدًا من قوته المالية ومكانته الاقتصادية، في وقت تستمر فيه التحديات المرتبطة بزيادة الاستحقاقات المرتقبة.