استراتيجية المغرب لمواجهة الإجهاد المائي: التركيز على المياه غير التقليدية والاقتصاد الدائري
في وقت يتزايد فيه الاهتمام بالقطاع الفلاحي في تدبير الموارد المائية، حيث يمثل هذا القطاع 80% من استهلاك المياه في المملكة، تتضافر جهود كافة القطاعات الأخرى، بما في ذلك الصناعة، ضمن الاستراتيجية الوطنية لمكافحة “الإجهاد المائي”.
ويبرز أحد الحلول المبتكرة في استثمار “المياه غير التقليدية”، والتي تُعد محوراً رئيسياً في هذه الاستراتيجية.
في هذا الإطار، صرح أحمد زنيبر، المدير العام لمؤسسة “OCP Green Water” التابعة للمكتب الشريف للفوسفاط، أن المؤسسة التي تأسست في 2022 تسعى لتوفير 600 مليون متر مكعب من المياه غير التقليدية سنوياً بحلول عام 2027.
وتشمل هذه الكمية 560 مليون متر مكعب من مياه البحر المحلاة و50 مليون متر مكعب من المياه العادمة المعالجة.
خلال ندوة نظمتها فدرالية الصناعات الكيماوية والكيماوية الموازية في الدار البيضاء، أشار زنيبر إلى أن المؤسسة تمكنت، حتى الآن، من توفير 200 مليون متر مكعب سنوياً من المياه غير التقليدية، مع خطط للوصول إلى 300 مليون متر مكعب مع بداية السنة القادمة.
وأوضح أن هذا المشروع لا يقتصر فقط على تلبية احتياجات المجموعة الصناعية من المياه، بل يمتد أيضاً لتوفير الماء الشروب للمدن والجهات التي يعمل فيها المكتب الشريف للفوسفاط، فضلاً عن تزويد الأراضي الفلاحية عالية القيمة المضافة.
وأضاف زنيبر أن هذا المشروع ساهم بشكل كبير في ضمان الاستقلالية المائية للمصانع التابعة للمجموعة في آسفي والجرف، كما ساعد في تأمين إمدادات المياه الشروب لمدينتي آسفي والجديدة منذ أكثر من عام، بالإضافة إلى تزويد منطقة جنوب الدار البيضاء في الشهر الماضي.
وأكد أن الهدف هو تلبية 100% من احتياجات المجموعة من المياه غير التقليدية بحلول نهاية العام الجاري، مع تغطية حوالي 80% من هذه الاحتياجات حالياً.
من جانبها، سلطت فوزية جمال، المديرة العامة لشركة “SCHIELE MAROC” المتخصصة في معالجة المياه غير التقليدية، الضوء على التحديات المرتبطة بالنجاعة المائية في المغرب، مشيرة إلى أن الاهتمام بالنجاعة الطاقية يفوق في بعض الأحيان الاهتمام بالنجاعة المائية.
وأضافت جمال أن التفكير في “دائرية الموارد المائية” يجب أن يكون جزءاً من التصميم الأولي لمنشآت تحلية المياه ومعالجة المياه غير التقليدية، مشيرة إلى أن العديد من الشركات الصناعية التي تحتوي على مقذوفات مائية تقوم بالتخلص منها دون معالجة أولية، مما يضعف فعالية أنظمة المعالجة.
من جانبه، اعتبر الخبير في الاقتصاد الدائري، محمد اليوسفي، أن الإجهاد المائي الذي يعاني منه المغرب حالياً يتجسد في تراجع حصة الفرد من المياه إلى أقل من 500 متر مكعب سنوياً، مقارنة بـ 2500 متر مكعب في السبعينيات.
وأوضح اليوسفي أن هذا التحدي يقتضي تبني منهجية فعالة للاقتصاد في المياه في القطاع الصناعي، تتضمن إشراك جميع الشركاء المعنيين مثل الزبائن والموردين والمؤسسات العامة.
كما أشار إلى ضرورة وجود مسؤولين أكفاء في تدبير المياه داخل الشركات الصناعية، مع تعزيز ثقافة الاقتصاد في المياه بين الموظفين.
كما لفت اليوسفي إلى أن بعض التدابير البسيطة وغير المكلفة، مثل البحث عن تسربات المياه داخل المنشآت الصناعية، يمكن أن تساهم بشكل كبير في تقليل استهلاك المياه وتحقيق المزيد من الفعالية في استخدامها.