وعود حكومية وأزمة متجددة…تأخر سداد المستحقات يهدد المقاولات الصغرى والمتوسطة
يُعدّ تأخر سداد مستحقات المقاولات الصغرى والمتوسطة آفة تُسمم بيئة الأعمال، وتُدخل آلاف الشركات في دوامة من المشاكل المالية قد تصل إلى الإفلاس.
وعلى الرغم من تطمينات وزارة الاقتصاد والمالية حول تحسن آجال الأداء، لا يزال أصحاب هذه المقاولات يشتكون من فجوات قانونية يستغلها البعض للتهرب من الالتزامات المالية.
وفي مواجهة هذا الجدل، قدمت وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح، إجابات رسمية للبرلمان، مؤكدةً أن هناك تقدمًا ملموسًا في تسريع عمليات الدفع.
ووفقًا لبيانات الوزارة، انخفض متوسط مدة سداد مستحقات الطلبيات العمومية بشكل لافت، من 27.6 يومًا في عام 2017 إلى 18 يومًا في عام 2024. هذه الأرقام، بحسب فتاح، تعكس نجاح الإجراءات الحكومية التي تهدف إلى تحفيز الاقتصاد.
لكن الصورة من الميدان تبدو أقل إشراقًا. فـعبد الله الفركي، رئيس الكونفدرالية المغربية للمقاولات الصغرى والمتوسطة، يكشف عن حقيقة مرة: الأرقام الرسمية لا تروي القصة كاملة.
و يرى الفركي أن “ثغرة قانونية” تُستخدم بشكل ممنهج، حيث يُحتسب أجل الـ60 يومًا القانوني من تاريخ تسليم الفاتورة، لا من تاريخ إنجاز العمل.
هذا الأمر يمنح المقاولات الكبرى وبعض المؤسسات العمومية فرصة للمماطلة في استلام الفواتير، مما يفاقم أزمات السيولة لدى الشركات الصغيرة.
ويضيف الفركي أن المشكلة تتجاوز مجرد التأخير، لتصل إلى ممارسات ابتزازية يقوم بها بعض موظفي القطاع العام الذين يساومون المقاولين على مستحقاتهم مقابل “إكراميات”. هذه الأساليب تستهدف الشركات التي تقع تحت ضغط مالي، وتُهدد وجودها في السوق.
ولمواجهة هذه التحديات، أعلنت وزارة الاقتصاد والمالية عن تبني حلول رقمية، مثل نظام الإيداع الإلكتروني للفواتير. هذا النظام يهدف إلى تبسيط الإجراءات، وتوفير الشفافية، وتمكين المقاولات من تتبع فواتيرها إلكترونيًا، وبالتالي مراقبة عملية الدفع وتقليص آجالها.
وفي حين تُعتبر هذه الخطوات إيجابية، يظل التحدي الأكبر هو إيجاد حلول جذرية تضمن تنفيذ القانون بحذافيره، وتُحصّن المقاولات الصغرى من الممارسات غير الأخلاقية التي تستنزف مواردها وتُعيق مساهمتها في التنمية الاقتصادية وخلق فرص العمل.
