هل يصبح الذهب الخيار الأفضل في ظل السياسات الاقتصادية الجديدة؟

شهدت أسعار الذهب زيادة ملحوظة بنسبة 26% خلال العام الماضي، متفوقة على أداء مؤشر “ستاندرد أند بورز” الذي سجل زيادة بنسبة 25%.
ومع استمرار التوترات الاقتصادية والسياسية، يتساءل الكثيرون عما إذا كان الذهب سيظل أحد أفضل الأصول أداءً، خصوصًا في ظل سياسات الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” التي تهدف إلى فرض رسوم جمركية جديدة.
في بداية فترة رئاسته، بدأ “ترامب” تنفيذ خطط اقتصادية تستند إلى فرض رسوم جمركية على واردات بعض الدول، مما فاقم حالة عدم اليقين في الأسواق العالمية.
و أدى ذلك إلى تراجع في أسواق الأسهم، السندات، وحتى العملات المشفرة، بينما استفاد الذهب من هذه البيئة المضطربة. إضافة إلى ذلك، فإن احتمالية عدم استثناء واردات الذهب من هذه الرسوم قد عززت من جاذبيته.
غالبًا ما يرتفع سعر الذهب في فترات الأزمات الاقتصادية كما حدث خلال الأزمة المالية العالمية في 2008، وهو ما يراه العديد من الخبراء في الارتفاع الحالي. “فابيو باسي”، مسؤول في “جيه بي مورجان”، يشير إلى أن الذهب سيستفيد من الرسوم الجمركية التي تفرضها الحكومة الأمريكية على العديد من السلع.
وفقًا لجيوفاني ستونوفو، محلل السلع الأساسية لدى “يو بي إس”، هناك توجه عالمي للبحث عن أصول تبتعد عن تقلبات الأسواق الأخرى، ويُنظر إلى الذهب كملاذ آمن في مثل هذه الظروف.
وعلى الرغم من أن الذهب ليس الخيار المثالي في جميع الحالات، إلا أن اهتمام المستثمرين بالاحتفاظ به في ظل الوضع الحالي دفع بالطلب على المعدن النفيس.
من بين المخاوف التي تثار حول هذا الموضوع، هو احتمال تطبيق الرسوم الجمركية على واردات الذهب.
هذا الأمر دفع بمخزون المعدن الأصفر في بورصة السلع الأساسية في نيويورك (كومكس) إلى الارتفاع بأكثر من 70% منذ بداية العام الجاري.
مع تزايد السياسات الحمائية، شهد الدولار تراجعًا ملحوظًا، ومن المعروف تاريخيًا أن الذهب يعد ملاذًا آمنًا ضد تقلبات العملات.
ففي أوقات ضعف العملة، يزداد الإقبال على المعادن الثمينة كالذهب كبديل للتحوط من انخفاض القيمة.
يتوقع الخبراء أن يستمر الذهب في ارتفاعه ليصل إلى 3 آلاف دولار للأوقية في العام الجاري، مدعومًا بزيادة الطلب من البنوك المركزية، وسعي بعض الدول لتنويع احتياطاتها بعيدًا عن الدولار. “جولدمان ساكس” يتوقع أن يصل السعر إلى 3100 دولار بحلول نهاية عام 2025.
أظهر استطلاع أُجري من قبل “بنك أوف أمريكا” لمديري الصناديق العالمية في نهاية فبراير، أن الذهب قد يتفوق على الأسهم الأمريكية ليكون ثاني أفضل الأصول أداءً هذا العام بعد الأسهم العالمية.
في حال اندلاع حرب تجارية شاملة بسبب التهديدات المتزايدة من “ترامب” بزيادة التعريفات الجمركية، فإن الذهب سيكون في مقدمة الأصول التي ستستفيد، يليه الدولار وسندات الخزانة لأجل 30 عامًا.
الارتفاع الذي شهدته أسعار الذهب ليس حدثًا مفاجئًا بل هو استمرار للاتجاه الذي بدأ في السنوات الماضية، مدعومًا بزيادة كبيرة في مشتريات البنوك المركزية من المعدن الأصفر.
ومن المتوقع أن يستمر هذا الاتجاه في المستقبل القريب، خاصة مع السياسات الاقتصادية التي قد تؤدي إلى ارتفاع الطلب على الذهب في ظل التوترات الاقتصادية والسياسية العالمية.