الاقتصاديةالشركات

هل تستطيع “كوماك” الصينية منافسة عمالقة صناعة الطائرات؟

في بداية العام الجديد، حققت الطائرة الصينية “كوماك” طراز C919 خطوة هامة في مسيرتها، حيث أجرت أول رحلة دولية مجدولة لها بين شنغهاي وهونغ كونغ، على متن طائرة تابعة لشركة “تشاينا إيسترن إيرلاينز”.

هذه الرحلة كانت بمثابة استبدال لطائرة “إيرباص A321” في هذا المسار، مما أثار تساؤلات حول نية “كوماك” في تحدي الهيمنة العالمية لشركتي “إيرباص” و”بوينغ” انطلاقًا من السوق الصينية المتنامية.

شركة “كوماك” الصينية، المتخصصة في صناعة الطائرات، تطمح إلى أن تكون لاعبًا منافسًا رئيسيًا في سوق الطيران العالمي. إلا أن هذه الطموحات تواجه العديد من التحديات التي قد تعيق تقدمها في مواجهة العملاقتين الغربية.

يشير غيوم فوري، الرئيس التنفيذي لشركة “إيرباص”، إلى أن دخول “كوماك” إلى السوق قد يؤدي إلى تحول المنافسة من احتكار ثنائي بين “إيرباص” و”بوينغ” إلى “احتكار ثلاثي محتمل”، وهو ما يشير إلى القدرة المحتملة للشركة الصينية على تحطيم هيمنة الشركات الغربية.

أما أنتونالدو نيفيس، الرئيس التنفيذي لـ”الاتحاد للطيران” الإماراتية، فيؤكد أنه لا يرى مانعًا من شراء طائرات “كوماك” في المستقبل، مشبهاً ذلك بتطور صناعة السيارات الصينية التي بدأت ضعيفة لتصبح منافسًا كبيرًا في السوق العالمية.

من جانبها، أكدت “بوينغ” أن المنافسة في السوق تعد مفيدة للعملاء، حيث تدفع الشركات للاستثمار في تقنيات جديدة لتلبية احتياجات السوق المتغيرة.

تشير التوقعات إلى أن الصين ستكون أكبر سوق لخدمات الطيران بحلول 2043، متجاوزة بذلك أمريكا الشمالية وأوروبا.

ومن المتوقع أن تنمو قيمة سوق الطيران الصينية بشكل كبير، مما يمنح طائرة “C919” ميزة تنافسية كبيرة في السوق المحلية، خاصة مع دعم شركات الطيران المملوكة للدولة.

رغم الطموحات العالية، تواجه “كوماك” تحديات كبيرة، أهمها بناء شبكة دعم عالمية تشمل الصيانة وقطع الغيار، إضافة إلى تجاوز العقبات التنظيمية لدخول الأسواق الغربية.

كما أن التوترات الجيوسياسية قد تؤثر سلبًا على طموحات الشركة في التوسع الدولي.

تواجه “إيرباص” و”بوينغ” تحديات تتعلق بسلاسل التوريد وحوادث تنظيمية، وهو ما يمكن أن يتيح لـ”كوماك” فرصة لتوسيع حصتها في السوق. إذا تمكنت “كوماك” من تطوير طائراتها وفقًا لمتطلبات السوق، فقد تصبح منافسًا قويًا في المستقبل.

تستهدف “كوماك” زيادة إنتاج طراز “C919” إلى 50 طائرة سنويًا بحلول 2025، مع طموح للوصول إلى 150 طائرة سنويًا بحلول 2028. ورغم تسليمها 14 طائرة فقط حتى دجنبر 2024، فإن الشركة قد تلقت أكثر من 1000 طلب، غالبيتها من شركات الطيران الصينية الكبرى.

من بين أبرز التحديات التي قد تواجهها “كوماك” هي بناء شبكة صيانة قوية وموثوقة، فضلاً عن تجاوز العقبات التنظيمية من قبل هيئات الطيران العالمية مثل “FAA” الأميركية و”EASA” الأوروبية.

إدراج “كوماك” في قائمة الشركات العسكرية الصينية من قبل وزارة الدفاع الأميركية قد يؤدي إلى فرض عقوبات على الشركة، مما قد يرفع من تكاليف تطوير تقنياتها المحلية. في حال حدوث ذلك، فإن “كوماك” قد تضطر لتسريع تطوير بدائل محلية، لكن ذلك سيأخذ وقتًا طويلًا للوصول إلى مستوى النضج الذي تحتاجه.

في النهاية، بينما تسعى “كوماك” الصينية إلى منافسة “إيرباص” و”بوينغ”، فإن الطريق أمامها مليء بالتحديات. ومع الدعم الحكومي الكبير ووجود سوق محلية ضخمة، قد تكون هناك فرص لـ”كوماك” للنمو، لكن نجاحها في التوسع عالميًا يتطلب تجاوز العديد من العقبات الفنية والتنظيمية.

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى