الاقتصادية

هدنة تجارية بين أمريكا والصين…خطوة نحو تهدئة التوترات أم بداية جديدة لصراع اقتصادي مستمر؟

تواجه العلاقات بين الولايات المتحدة والصين تحديات كبيرة منذ اندلاع الحرب التجارية في عهد الرئيس “دونالد ترامب”.

ومع عودته للبيت الأبيض تصاعدت النزاعات بشكل أكبر، مما زاد من التوترات بين أكبر اقتصادين في العالم. لكن في تحول مفاجئ، تم التوصل إلى اتفاق هدنة لمدة ثلاثة أشهر، مما فتح المجال أمام التفاوض على اتفاقيات أوسع في المستقبل.

أدت الحرب التجارية إلى انخفاض ملحوظ في حجم التجارة بين البلدين هذا العام، مما أثر على الشركات الأمريكية التي تعتمد على الواردات الصينية.

وعانت العديد من الشركات، سواء الكبيرة مثل “وول مارت” و”تارجت”، من نقص في السلع على رفوف المتاجر بسبب التعريفات الجمركية المفروضة.

ورغم ذلك، لم تظهر أي نية واضحة من أي من الطرفين للتفاوض حتى في الأشهر الأخيرة.

منذ الإعلان عن التعريفات، لم يتوقف وزير الخزانة الأمريكي “سكوت بيسنت” عن تحميل إدارة الرئيس “جو بايدن” مسؤولية تدهور العلاقات مع الصين.

وأشار إلى أن إدارة بايدن سمحت بتراجع قنوات الاتصال بين البلدين، على الرغم من المحاولات السابقة لإعادة بناء هذه القنوات في فترة ما بعد الجائحة. وفي سياق آخر، تم التوصل إلى اتفاق بين الصين وأمريكا في سويسرا حول خفض التعريفات، مع الإبقاء على رسوم 20% على السلع الصينية المتعلقة بالفنتانيل.

وصرح “بيسنت” بأن المفاوضات قد تؤدي إلى زيادة في شراء الصين للمنتجات الأمريكية.

ستستمر المفاوضات خلال فترة الهدنة التي تمتد لمدة 90 يومًا، وتشارك فيها شخصيات بارزة مثل “بيسنت” و”جيميسون جرير”، الممثل التجاري الأمريكي، ونائب رئيس الوزراء الصيني “هي ليفنغ”. ورغم التصريحات العدائية التي سادت في الأشهر الماضية، إلا أن الأطراف أظهرت أجواء من التعاون في المفاوضات الجارية.

في إطار المحادثات، كشف “جيميسون جرير” أن “ترامب” قدم توجيهات ونصائح حول كيفية التعامل مع الملف التجاري، مؤكدًا أن النتيجة الحالية تعتبر إيجابية للولايات المتحدة والصين على حد سواء.

تسلسل أحداث الحرب التجارية بين ترامب والتنين الصيني هذا العام            

التاريخ

الحدث

الأول من فبراير

أشعل “ترامب” حربًا تجارية مع التنين الصيني، عندما وقع أمرًا تنفيذيًا لفرض تعريفات إضافية 10% على واردات الصين.

الرابع من فبراير

لذلك اتخذت الصين خطوة انتقامية كرد فعل، وفرضت تعريفات 15% على واردات أمريكا من الفحم والغاز الطبيعي المسال، وأخرى بنسبة 10% على النفط الخام والآلات الزراعية وشاحنات البيك آب، اعتبارًا من العاشر من فبراير.

وفي خطوة تهدف تضييق الخناق على الشركات الأمريكية، فرضت الصين قيودًا على صادرات بعض المعادن الأرضية النادرة الحيوية في العديد من الصناعات.

العاشر من فبراير

أعلن “ترامب” تعريفات بنسبة 25% على واردات الصلب والألمنيوم من كافة الدول.

الرابع من مارس

فرض الرئيس الأمريكي رسوم إضافية 10% على السلع الصينية.

ردت الصين بفرض تعريفات تتراوح بين 10% و15% على المنتجات الزراعية الأمريكية، تدخل حيز التنفيذ اعتبارًا من العاشر من مارس.

السادس والعشرين من مارس

أعلن “ترامب” فرض تعريفات على السيارات بنسبة 25% تدخل حيز التنفيذ في الثالث من أبريل، وعلى أجزاء السيارات في موعد أقصاه الثالث من مايو.

تصاعد حدة التوترات، إذ أعلنت أمريكا حينها عن تعريفات جمركية متبادلة على عشرات الدول بما فيها الصين.

الثالث من أبريل

مع دخول رسوم السيارات حيز التنفيذ، أصبحت كافة السلع الصينية تواجه تعريفات إضافية 20%، ووارداتها من الصلب والألمنيوم 25%، والسيارات 25%.

الرابع من أبريل

فرضت الصين تعريفات 34% على كافة السلع الأمريكية اعتبارًا من العاشر من أبريل (لتصبح 34% على السلع الأمريكية، 10% على الغاز الطبيعي المسال والفحم، 15% على الخام والأدوات الزراعية، من 10% إلى 15% على كافة المنتجات الزراعية)

الخامس من أبريل

دخل معدل التعريفة الأساسي على معظم دول العالم البالغ 10% حيز التنفيذ، لتصل الرسوم المفروضة على كافة السلع الصينية إلى 30%.

التاسع من أبريل

فرض “ترامب” رسوم إضافية على كافة واردات الصين 84%، ليصل الإجمالي إلى 104%.

لم يدفع ذلك التصعيد الصين إلى التراجع أو التراخي، بل أعلنت تعريفات انتقامية 84% على كافة واردات أمريكا.

ما دفع “ترامب” لمواصلة التصعيد، وقرر زيادة التعريفات إلى 145% على الأقل على كافة واردات الصين بصورة فورية.

وحتى عندما أعلن بعدها تعليق التعريفات المتبادلة المفروضة على معظم الدول لمدة 90 يومًا – مع استمرار التعريفة الأساسية البالغة 10% –  استثنى منها الصين.

الحادي عشر من أبريل

وهو ما عزز غضب بكين، ودفعها للرد بخطوة انتقامية رفعت إجمالي التعريفات على واردات أمريكا إلى 125%.

لكنها أوضحت أنها ستتجاهل أية زيادات إضافية للرسوم الجمركية من جانب أمريكا.

أوائل مايو

منذ ذلك الحين، استمرت الصين من خلال العديد من مسؤوليها انتقاد سياسات “ترامب” التجارية، أما عن الجانب الأمريكي، فواصل التلميح بالاستعداد لعقد مفاوضات تجارية مع بكين.

حتى تم الإعلان عن قيادة “بيسنت” لمناقشات تجارية مع الجانب الصيني في جنيف، والتي عقدت بالفعل نهاية الأسبوع الماضي.

الثاني عشر من مايو

وبعد انتهاء أول مناقشات رسمية بين الجانبين منذ بداية ولاية “ترامب” الثانية، أعلنا في بيان مشترك صادر من جنيف، خفض أمريكا الرسوم المفروضة على السلع الصينية من 145% إلى 30% لمدة 90 يومًا.

كما أعلنت الصين خفض التعريفات على واردات أمريكا إلى 10% بدلاً من 125%.

 

أوضح “بيسنت” أن أمريكا تسعى لتحقيق تجارة أكثر توازنًا مع الصين، مؤكدًا التزام البلدين بهذا الهدف. من جانبها، أكدت وزارة التجارة الصينية أن المفاوضات المستمرة ستمهد الطريق لحل القضايا التي تهم الطرفين في المجالات الاقتصادية والتجارية.

رغم أن الرسوم الجمركية المفروضة في عهد “ترامب” لا تزال سارية، أشار “بيسنت” إلى إمكانية تمديد الهدنة لفترة أطول بعد انتهائها، بشرط وجود حوار بناء بين الطرفين. ومع استمرار التفاوض، قد يشهد العالم تطورات مهمة في العلاقات الاقتصادية بين أمريكا والصين.

في 2018، توصلت الولايات المتحدة والصين إلى اتفاق مؤقت لتهدئة النزاع التجاري، لكن هذا الاتفاق لم يستمر طويلًا بعد أن تراجعت أمريكا عن الالتزام به.

وفي 2020، تم توقيع المرحلة الأولى من الاتفاق التجاري، لكن عدم التزام الصين ببنود الشراء رفع العجز التجاري بين البلدين خلال فترة الجائحة، مما فاقم من التوترات في السنوات الأخيرة.

رغم أن الاتفاق على الهدنة يشير إلى أمل في تهدئة الأوضاع ويعزز الثقة في الأسواق، إلا أنه لا يعدو كونه خطوة أولى نحو اتفاق شامل محتمل بين أكبر اقتصادين في العالم.

ولا يزال الطريق طويلًا نحو تحقيق اتفاق مفصل، وقد يتطلب المزيد من الوقت والجهود المستمرة للوصول إلى تفاهم دائم بين الطرفين.

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى