من الإحباط إلى المليارات.. صعود “مور ثريدز” الصينية في عالم الذكاء الاصطناعي

بعد عامين من مواجهة شركة “مور ثريدز تكنولوجي” الصينية لعقبة كادت أن تعصف بمستقبلها، نجح مؤسسها تشانغ جيان تشونغ في تحويل شركته الناشئة إلى واحدة من أبرز شركات صناعة الرقائق في الصين، محققة نجاحًا باهرًا في ثاني أكبر طرح عام أولي في البلاد هذا العام.
كانت الشركة، التي تأسست قبل ثلاث سنوات فقط، قد أُدرجت على القائمة السوداء الأمريكية في أواخر 2023، ما أجبرها على تقليص عدد موظفيها وحرمانها من التقنيات الأجنبية الأساسية.
ورغم ذلك، بقي تشانغ مصمّمًا على مواصلة تطوير “أفضل الرقائق متعددة الاستخدامات في الصين”، وفق بيانه حينها.
ومؤخرًا، جمعت “مور ثريدز” 8 مليارات يوان (1.1 مليار دولار) في الطرح العام ببورصة شنغهاي، وقفز سهمها بنسبة 425% في أول أيام التداول، ما منح الشركة قيمة سوقية تقارب 40 مليار دولار، وحوّل تشانغ إلى أحد أحدث مليارديرات الذكاء الاصطناعي في الصين، مع حصة تبلغ قيمتها أكثر من 4.3 مليار دولار، وفق مؤشر “بلومبرغ” للمليارديرات.
كما استفاد مؤسسون آخرون من الطرح، منهم نائب الرئيس تشانغ يوبو (1.7 مليار دولار) والمدير تشو يوان (1.4 مليار دولار).
ويعكس هذا النجاح التفاؤل الكبير الذي يغذي مسعى الصين نحو الاكتفاء الذاتي التكنولوجي، خاصة في ضوء خروج “إنفيديا” عن السوق المحلية نتيجة القيود الأمريكية على التصدير.
وقد ارتفع مؤشر “ستار 50” الذي يضم الشركات التقنية المحلية بنسبة 34% هذا العام، في حين تضاعفت قيمة شركة “كامبريكون تكنولوجيز”.
لكن بعض المحللين يحذرون من أن هذه الطفرة في الأسهم تعكس حماسة وطنية أكثر من أساسيات تجارية قوية. وقال شين منغ، مدير بنك الاستثمار “شانسون آند كو” في بكين: “انفصلت التقييمات في سوق الأسهم المحلية عن الواقع، وأصبحت مدفوعة بالسياسة أكثر من المنطق.
هذه الشركات تمثل رموزاً سياسية قوية، لكن مساهمتها الملموسة في التطور التكنولوجي تبقى محدودة”.
تشانغ، الذي شغل مناصب رفيعة في شركات كبرى مثل “هيوليت باكارد”، “ديل”، و”إنفيديا” في الصين، أسس “مور ثريدز” في 2020، مستفيدًا من خبرته الطويلة لجذب استثمارات ضخمة.
ويمثل رأس المال الأخير أهمية حيوية لتطوير رقائق الذكاء الاصطناعي والرسومات من الجيل التالي، وهي مشاريع أساسية للبقاء في سوق منفصلة عن التكنولوجيا الغربية.
رغم ارتفاع الإيرادات بسرعة، حيث بلغت 785 مليون يوان في الأشهر التسعة الأولى من 2025 بزيادة 181% على أساس سنوي، تواجه الشركة تحديات سيولة كبيرة مع تراكم خسائر تقارب 6 مليارات يوان منذ 2022 وحتى أواخر 2025.
يختلف توجه “مور ثريدز” عن معظم الشركات المحلية التي تركز على مسرعات الذكاء الاصطناعي فقط، إذ تطور وحدات معالجة رسومات متعددة الوظائف يمكنها التعامل مع تدريب الذكاء الاصطناعي، تصميم الرسومات ثلاثية الأبعاد، والمحاكاة الفيزيائية، محاكاةً للمرونة التي جعلت “إنفيديا” مهيمنة عالميًا.
لكن المحللين يحذرون من أن اللحاق بالشركة الأمريكية العملاقة سيظل تحديًا كبيرًا. وقال شين: “تكنولوجيا شركات مثل إنفيديا تشكلت على مدى عقود من التطوير المستمر. احتمال أن تتمكن الشركات الصينية فجأة من مجاراتها يبقى ضئيلاً جدًا”.




