من أرض لوبورجيه إلى سماء المغرب… إيرباص تؤكد طموحها الاستثماري وتعميق شراكتها الاستراتيجية

في ظل الدينامية المتصاعدة التي يعرفها قطاع الطيران بالمغرب، تتجه شركة “إيرباص” الأوروبية نحو توسيع نطاق استثماراتها الصناعية في المملكة، مؤكدةً أن المغرب يشكل منصة استراتيجية واعدة في منظومتها العالمية للإنتاج والابتكار.
وجاء هذا التوجه خلال لقاء جمع وفدًا مغربيًا رفيع المستوى بمسؤولي “إيرباص”، على هامش معرض لوبورجيه الدولي للطيران والفضاء بفرنسا، حيث أبرز ووتر فان ويرش، نائب الرئيس التنفيذي للشؤون الدولية بالمجموعة، متانة الشراكة مع المغرب قائلاً: “لدينا حضور طويل الأمد في المملكة، وهي شريك مقرب جداً من إيرباص”.
وصف فان ويرش الاجتماع مع الوفد المغربي بـ”الممتاز”، معبّرًا عن رغبة مشتركة في تعزيز حضور الشركة داخل المغرب وتطوير أوجه التعاون.
ولفت إلى أن “إيرباص” توظف حاليًا حوالي 2000 شخص في المملكة، خاصة بعد استحواذها على مصنع “سبيريت إيروسيستمز” في الدار البيضاء، المتخصص في إنتاج مكونات طائرات A220.
وقد ضم الوفد المغربي كلا من وزير النقل واللوجستيك عبد الصمد قيوح، ووزير الصناعة والتجارة رياض مزور، والوزير المنتدب المكلف بالاستثمار كريم زيدان، والمدير العام للوكالة المغربية لتنمية الاستثمارات والصادرات علي صديقي.
أكد الوزير رياض مزور أن الاتفاقيات الاستراتيجية بين الطرفين تمثل قاعدة صلبة لانطلاق مشاريع صناعية أكثر طموحًا، مشيرًا إلى أن المرحلة المقبلة تفتح الباب أمام تحقيق هدف استراتيجي يتمثل في “التجميع النهائي للطائرات داخل التراب المغربي”.
من جهته، شدد الوزير كريم زيدان على أهمية التوقيت الذي جاء فيه هذا اللقاء، موضحًا أن المغرب يستعد لمواكبة طفرة كبيرة في قطاع الطيران، خاصة مع خطة توسيع أسطول الخطوط الملكية المغربية من 50 إلى 200 طائرة بحلول سنة 2037، ما يجعل المملكة سوقًا واعدة أمام كبار المصنعين.
وأشار زيدان إلى أن “إيرباص” تُبدي اهتمامًا حقيقياً بنقل التكنولوجيا والمعرفة إلى المغرب، مؤكداً على رغبة المملكة في إقامة شراكات قائمة على مبدأ “رابح-رابح”.
من جهته، اعتبر عبد الصمد قيوح أن توسيع أسطول النقل الجوي الوطني يتطلب استباقًا على مستوى البنية التحتية والابتكار، مبرزًا أهمية القطب الجوي الجديد المزمع إنشاؤه في الدار البيضاء، والذي يُرتقب أن يتحول إلى “مركز دولي وإفريقي رئيسي للطيران”.
أما علي صديقي، المدير العام للوكالة المغربية لتنمية الاستثمارات والصادرات، فقد أكد أن المغرب يتوفر على مقومات جاذبة لكبار المصنعين، من رأسمال بشري مؤهل، وبنيات تحتية بمعايير دولية، إلى جانب سياسة صناعية واضحة تعزز مناخ الثقة والاستقرار الضروريين للاستثمار طويل الأمد.
وفي سياق تعزيز الترويج الدولي للمنصة المغربية، أقامت الوكالة المغربية لتنمية الاستثمارات والصادرات، بتعاون مع تجمع الصناعات المغربية في الطيران والفضاء (GIMAS)، جناحًا مغربيًا في معرض لوبورجيه، ضم ست مقاولات وطنية عرضت أحدث ابتكاراتها في مجال تصنيع مكونات الطائرات والخدمات التقنية.
وتندرج هذه المشاركة في إطار استراتيجية المغرب الرامية إلى تعزيز جاذبية قطاع الطيران الوطني وجلب استثمارات نوعية جديدة، خاصة مع ما يشهده من نمو مستدام وتنوع في الفاعلين العالميين.
خلال العقدين الماضيين، استطاع المغرب أن يتحول إلى قاعدة صناعية إقليمية في مجال الطيران، بفضل بيئة الأعمال التنافسية ووضوح الرؤية الاستراتيجية.
وقد استقطبت المملكة كبريات الشركات العالمية مثل “بوينغ”، و”إيرباص”، و”سافران”، و”برات آند ويتني”، و”داهير”، و”كولينز إيروسبيس”، ما يؤكد الثقة المتزايدة في قدرات المغرب على لعب دور محوري في سلاسل الإمداد العالمية للطيران.