مستقبل أسعار الذهب: هل يستمر الارتفاع في ظل الأزمات الاقتصادية والجيوسياسية؟

شهد سعر الذهب، الذي يُعتبر ملاذًا آمنًا للاستثمار في أوقات الأزمات الاقتصادية والجيوسياسية، ارتفاعًا كبيرًا بنسبة تزيد عن 15% هذا العام، ليتجاوز العقود الآجلة 3 آلاف دولار للأوقية لأول مرة في تاريخه في 14 مارس.
فهل سيستمر هذا الارتفاع في المستقبل القريب؟
يُعدّ الذهب مصدرًا ثابتًا للعوائد على المدى الطويل، حيث حقق عائدًا سنويًا قدره 8.6% منذ نهاية نظام “بريتون وودز” في عام 1971.
بينما في الصين، سجل الذهب المُسعّر باليوان عائدًا سنويًا يبلغ 9.8% منذ تأسيس بورصة شنغهاي للذهب في عام 2002.
يعتقد “جيفري جوندلاش”، رئيس شركة “دابل لاين كابيتال”، أن الذهب قد يصل إلى 4 آلاف دولار في المستقبل، مشيرًا إلى أن هذا قد يحدث بعد فترة من الاستقرار عند مستوى 1800 دولار.
من جانبه، يتوقع “إد يارديني”، رئيس “يارديني ريسيرش”، أن يصل الذهب إلى 4 آلاف دولار بنهاية العام الحالي، ويصل إلى 5 آلاف دولار في عام 2026، مع استمرار البنوك المركزية في زيادة احتياطياتها من الذهب كتحوط ضد العقوبات الأمريكية والاضطرابات الجيوسياسية.
بين الانتخابات الأمريكية في 2020 و12 مارس 2024، تدفق نحو 23 مليون أوقية من الذهب، بقيمة تصل إلى 70 مليار دولار، إلى مستودعات بورصة “كومكس” في نيويورك، حيث عززت سياسات “دونالد ترامب” المتعلقة بالرسوم الجمركية الطلب على المعدن الأصفر.
في عام 2024، بلغ الطلب العالمي على الذهب 4974 طنًا، وهو ما يعكس القيمة الإجمالية للطلب التي بلغت 382 مليار دولار، بفضل ارتفاع الأسعار وزيادة حجم التداول.
شهد قطاع التكنولوجيا أقوى أداء فصلي له في ثلاث سنوات، حيث ارتفع الطلب على الذهب المستخدم في الذكاء الاصطناعي والإلكترونيات إلى 84 طنًا في الربع الرابع، مما دفع الإجمالي السنوي إلى 326 طنًا بزيادة بلغت 7%.
في 2024، ارتفع الطلب العالمي على الذهب للاستثمار بنسبة 25% مقارنة بالعام السابق، ليصل إلى 1180 طنًا، وهو أعلى مستوى له في أربعة سنوات، مدعومًا بتدفقات قوية لصناديق الاستثمار المتداولة في النصف الثاني من العام.
في مارس 2024، قرر الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي تثبيت سعر الفائدة في نطاق 4.25% إلى 4.50%، مع زيادة توقعاته للتضخم نتيجة الرسوم الجمركية، لكنه أبقى على خفض متوقع لتكاليف الاقتراض بنصف نقطة مئوية خلال العام الجاري.
مع اقتراب الذهب من ذروته التاريخية المعدلة حسب التضخم، التي تم تسجيلها في عام 1980 وبلغت نحو 3800 دولار للأوقية، هناك تساؤل حول ما إذا كان المعدن الأصفر سيصل إلى هذه الذروة مرة أخرى مع الأزمات الاقتصادية والجيوسياسية الحالية.
عند النظر إلى تاريخ أسعار الذهب، نلاحظ أن الارتفاعات الكبيرة غالبًا ما تصاحبها أزمات اقتصادية وسياسية، مثلما حدث بعد الأزمة المالية العالمية وجائحة “كوفيد-19”. فهل ستستمر هذه المكاسب ويصل الذهب إلى 4 آلاف دولار وسط حالة عدم اليقين السياسي في الولايات المتحدة؟