Bitget Banner
الاقتصادية

مستثمرو التجزئة في وول ستريت: من لاعبين ثانويين إلى مؤثرين جدد في سوق الأسهم الأمريكية

لطالما اعتُبرت سوق الأسهم الأمريكية ميدانًا تسيطر عليه المؤسسات الاستثمارية الكبرى، إلا أن التطورات التكنولوجية وتحولات سلوك المستثمرين الفرديين تطرح سؤالًا جوهريًا: هل بدأ الأفراد يفرضون حضورهم وتأثيرهم على وول ستريت، أم أن المؤسسات لا تزال تهيمن بلا منازع؟

على مدى عقود، كانت المؤسسات المالية، من صناديق التحوط إلى البنوك الاستثمارية، تمسك بزمام التداولات وتدير كميات هائلة من رؤوس الأموال.

لكن تغيرت المعادلة إلى حد ما منذ طفرة “أسهم الميم” قبل أربع سنوات، حيث بدأت فئة المستثمرين الأفراد تلعب دورًا أكثر فاعلية.

مثلاً، عندما فرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رسومًا جمركية في أبريل 2021، شهدت السوق موجة بيعية قوية خسرت خلالها الأسهم الأمريكية نحو 6 تريليونات دولار خلال يومين فقط. المؤسسات المالية الكبرى بعت أسهمها، ونصح الخبراء العملاء بالابتعاد عن السوق، بينما كان
مستثمرو التجزئة أكثر ثباتًا، معتبرين التراجع فرصة للشراء لا للانسحاب.

بعد أقل من أسبوع، تراجعت الحكومة عن فرض الرسوم، مما ساعد على انتعاش المؤشرات الرئيسية بنسبة تجاوزت 20%.

وفي هذا السياق، وصف “مايكل أنتونيلي” استراتيجي السوق في شركة “بيرد” الاستثمارية، أن المؤسسات هي من تثير عمليات البيع الحادة، في حين أن المستثمرين الأفراد يستمرون في الشراء بانتظام، ما يخفف من الضغوط البيعية.

على الرغم من أن نصيب الأفراد في التداول الأمريكي لا يتجاوز حوالي 18%، مقارنة بأسواق آسيوية مثل الصين وكوريا الجنوبية حيث يشكلون أكثر من 80% من حجم التداول، إلا أن تأثيرهم في الولايات المتحدة يتزايد.

f66f0af7 ae07 4524 bc76 a2370a01d345 Detafour

وفقًا لإحصائيات عام 2023، استثمر 62% من الأمريكيين في الأسهم، وهو معدل مستقر منذ سنوات، مع ارتفاع نشاط الأفراد في التداول.

وقد أدى ظهور تطبيقات مثل “روبن هود” إلى تسهيل وصول المستثمرين الأفراد إلى السوق، وخاصة الأجيال الشابة، مما أدى إلى ما يُعرف بـ “تأثير روبن هود” في بعض الأسهم الصغيرة والشعبية. ورغم أن تأثيرهم على الأسهم الكبيرة مثل “تسلا” و”ألفابت” لا يبدو واضحًا أو حتى سلبيًا أحيانًا، إلا أنهم يحركون أسعار أسهم مثل “كوداك” و”نيكولا” و”نوفافاكس”.

رغم هيمنة المؤسسات، يبدو أن المستثمرين الأفراد أصبحوا لاعبًا مؤثرًا، خصوصًا في فترات الاضطراب. يقول “ديف مازا”، الرئيس التنفيذي لشركة “راوند هيل إنفستمنت”، إن المستثمرين الأفراد أظهروا قوة وصلابة حين تراجع المحترفون.

خلال 22 أسبوعًا في 2024، سجل مستثمرو التجزئة في “بنك أوف أمريكا” مشتريات صافية مستمرة، وهي أطول سلسلة شراء منذ بدء تتبع البيانات.

لكن هل يحقق المستثمرون الأفراد أداءً أفضل من السوق؟ الإجابة ليست محسومة. تاريخيًا، تحقق المؤسسات عوائد تقارب أو تفوق مؤشرات السوق، في حين يعاني الأفراد أحيانًا من خسائر بسبب التداول المفرط ومحاولات توقّع السوق. في 2024، سجل مستثمرو التجزئة عائدات أقل بكثير من مؤشر “إس آند بي 500”.

مع ذلك، فإن تزايد حصة الأفراد من التداولات إلى ما يقارب 19.5% هذا العام، وارتفاعها إلى 36% خلال ذروة اضطرابات أبريل الماضي، يؤكد أنهم لم يعودوا مجرد متابعين سلبيين، بل أصبحوا مؤثرين ومكونًا لا يمكن تجاهله في معادلة سوق الأسهم الأمريكية.

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى