محاكمة جديدة لمسؤولين باتصالات المغرب بتهم اختلاس وتزوير وتلاعب بالبيانات المعلوماتية

تعود غرفة الجنايات الاستئنافية المكلفة بالجرائم المالية بمحكمة الاستئناف بفاس، الأربعاء المقبل، للنظر مجددًا في ملف يُتابع فيه مسؤولان سابقان بشركة “اتصالات المغرب”، على خلفية اتهامات ثقيلة تتعلق باختلاس أموال عمومية، والتزوير في محررات تجارية، واستعمال وثائق مزورة، والتلاعب في نظام المعالجة الآلية للمعطيات.
وكانت الغرفة الابتدائية نفسها، برئاسة القاضي محمد لحية، قد أصدرت حكمًا يقضي ببراءة المتهمين من تهمة التزوير في المحررات التجارية واستعمالها، لكنها أدانتهما من أجل باقي التهم، وقضت في حق كل واحد منهما بسنة ونصف حبسا نافذا، وغرامة مالية قدرها 30 ألف درهم، مع تحميلهما المصاريف بالتضامن، والإجبار في الحد الأدنى.
وفي الشق المدني، حكمت المحكمة على المتهمين بأداء مبلغ يفوق مليون درهم (1.005.950,04 درهم) لفائدة شركة “اتصالات المغرب”، تعويضًا عن المبالغ المختلسة، مع تحميلهما الصائر بالتضامن.
وأُشعر المتهمان بعد النطق بالحكم الابتدائي، وفقًا للمادة 440 من قانون المسطرة الجنائية، بإمكانية الطعن بالاستئناف في غضون عشرة أيام من صدور القرار.
تفاصيل هذه القضية بدأت إثر تتبع دقيق قامت به الإدارة المركزية لشركة “اتصالات المغرب”، والتي رصدت خروقات مشبوهة في بعض الوكالات، خصوصًا بوكالة الأدارسة، حيث شُكّ في سلامة عدد من عمليات الأداء المنجزة عبر المنظومة المعلوماتية.
وبناءً على هذه المؤشرات، باشرت فرقة الجرائم المالية والاقتصادية التابعة للمصلحة الولائية للشرطة القضائية بفاس، وتحت إشراف النيابة العامة المختصة، سلسلة من التحريات، بعد إشعار الإدارة المركزية بالاختلالات المرصودة.
وأكدت مصادر مطلعة أن الإدارة كلّفت لجنة تفتيش مركزية بإجراء افتحاص تقني وميداني، تبيّن من خلاله تورط إطار بقسم التحصيل، وذلك خلال الفترة الممتدة ما بين 2021 و2024، في التلاعب بعدد من المعاملات المالية.
وحسب التحقيقات، فقد تسلّم المعني بالأمر عشرات الشيكات البنكية من مكتب المحامي بنمخلوف وشركائه، بعضها يتعلق بمصاريف قضائية تفوق 140 ألف درهم، وأخرى تخص ديون زبناء بقيمة تناهز 145 ألف درهم، وكان يفترض إيداعها في الحساب البنكي للشركة أو تحويلها للجهات المختصة.
غير أن المتهم، وبدل الالتزام بالإجراءات المعمول بها، عمد إلى تسليم هذه الشيكات لشريكه في وكالة الأدارسة، وهو إطار تقني كان يتكلف بإنجاز عمليات أداء لفواتير الزبناء، حيث تم تمرير الأداءات نقدًا من طرف الزبناء، مقابل توظيف الشيكات لاحقًا لتغطية تلك الفواتير، في عملية وصفتها التحقيقات بأنها ممنهجة ومحبوكة بدقة.
هذا الملف، الذي يُنتظر أن تعرف جلساته الاستئنافية تطورات هامة، يسلّط الضوء من جديد على التحديات المرتبطة بالشفافية والرقابة داخل المؤسسات الكبرى، ويثير تساؤلات حول آليات المراقبة الداخلية وحماية المال العام في الشركات الوطنية.