محادثات لندن بين واشنطن وبكين…محاولة جديدة لترميم الهدنة التجارية وسط توترات قائمة

وصل وفد رفيع المستوى من الولايات المتحدة والصين إلى لندن لإجراء محادثات تهدف إلى إعادة إحياء الهدنة الهشة في الحرب التجارية بين أكبر اقتصادين عالميًا.
يقود الوفد الأمريكي وزير الخزانة سكوت بيسنت، ووزير التجارة هوارد لوتنيك، بالإضافة إلى الممثل التجاري جيميسون جرير، حيث من المقرر أن يلتقوا نائب رئيس الوزراء الصيني هي ليفنغ، في محاولة لكسر الجمود الذي ساد محادثات جنيف الشهر الماضي والتي لم تُسفر عن نتائج ملموسة.
جاء اللقاء عقب مكالمة هاتفية بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الصين شي جين بينغ بتاريخ 5 يونيو، أعلن خلالها ترامب عن تحقيق تقدم في الخلاف المتعلق بقيود الصين على تصدير المعادن النادرة، التي تعد عقبة رئيسية في مسار المحادثات.
وغرد ترامب على منصة “تروث سوشيال”: “لا ينبغي أن يبقى هناك أي شكوك حول تعقيد صادرات المعادن النادرة، وفريقنا سيجتمع قريبًا في موقع سيتم الإعلان عنه.”
جرت المكالمة التي استمرت ساعة ونصف بعد أن عبّر ترامب عن إحباطه من صلابة مواقف بكين التفاوضية، واصفًا شي بأنه “عنيد وصعب التعامل معه.”
أوضحت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت أن الوفد الأمريكي سيشدد على ضرورة التزام الصين الكامل ببنود اتفاق 12 مايو في جنيف، والذي نص على تخفيضات متبادلة في الرسوم الجمركية بنسبة 15%، مع استمرار فرض رسوم إضافية بنسبة 10%.
وقالت ليفيت في مقابلة مع “فوكس نيوز”: “نراقب عن كثب مدى التزام الصين بالاتفاق ونتطلع لأن تمهّد هذه الخطوة لمباحثات أوسع وأكثر شمولاً.”
رغم إعلان ترامب عن حل النزاع حول المعادن النادرة، لا يزال المسؤولون الأمريكيون يتعاملون بحذر. وأوضح كيفن هاسيت، مدير المجلس الاقتصادي الوطني، في مقابلة مع قناة CBS أن صادرات المعادن الحرجة بدأت تعود تدريجيًا، ولكن بوتيرة أبطأ مما تم الاتفاق عليه.
وتأتي القيود الصينية على تصدير بعض العناصر النادرة كجزء من رد فعل على الرسوم الأمريكية، حيث فرضت بكين قيودًا منذ أبريل على عدة معادن مثل السماريوم والجادولينيوم والتيربيوم، إضافة إلى قيود سابقة على الأنتيمون والجاليوم والجرمانيوم في دجنبر 2024.
تنتج الصين نحو 60% من المعادن الأرضية النادرة عالميًا وتمتلك حوالي 85% من القدرة الإنتاجية للمعالجة، ما يجعلها المورد الرئيسي لهذه الموارد الاستراتيجية. وتتهم واشنطن بكين باستغلال هذه الهيمنة كورقة ضغط في النزاعات الاقتصادية.
مع ذلك، عبّر هاسيت عن تفاؤله بإمكانية إغلاق الاتفاق قريبًا، قائلًا: “أنا واثق أن هذا الاتفاق على وشك الإتمام.”
تظل الخلافات الأعمق قائمة، مع استمرار الصين في انتهاكات تجارية عدة، حيث أصدرت وزارة التجارة الأمريكية قرارًا في مايو يحظر استخدام شرائح “Ascend” التابعة لهواوي عالميًا، بسبب انتهاكات في ضوابط التصدير، ما أثار غضب بكين.
ويشكو المسؤولون الأمريكيون من ممارسات الصين التي تضمنت سرقة الملكية الفكرية والتلاعب بالعملة ودعم مفرط للشركات المحلية، وهي ممارسات يرون أنها أضرت بالاقتصاد الأمريكي لسنوات.
وأشار روبرت أتكينسون، رئيس مؤسسة تكنولوجيا المعلومات والابتكار، إلى أن بكين لم تعترف رسميًا بالمشكلات الجوهرية، مما يجعل التوصل إلى تسوية شاملة تحديًا كبيرًا.
في 30 مايو، أنكرت الصين انتهاكها لاتفاق جنيف، ثم ردّت في 2 يونيو بشدة على قرار واشنطن إلغاء تأشيرات طلاب صينيين مرتبطين بالحزب الشيوعي، مما أضاف توترات جديدة على الساحة الدبلوماسية.
واختتمت كارولين ليفيت تصريحاتها مؤكدةً على أهمية الحفاظ على المصالح الاستراتيجية المتبادلة بين البلدين، لكنها شددت على أن الرئيس الأمريكي سيضع دومًا مصلحة العمال والصناعات الأمريكية في المقام الأول، معربة عن أملها في أن تثمر محادثات لندن عن تنفيذ فعلي لاتفاقات جنيف.