مات ديتكه…من طالب دكتوراه إلى صفقة ضخمة في وادي السيليكون

في عالم الذكاء الاصطناعي، لا تقتصر الفرص على الأكاديميين فقط، بل تبتسم أيضاً للموهوبين الذين يجرؤون على تغيير مسارهم. مات ديتكه، الشاب البالغ من العمر 24 عاماً، هو مثال حي على ذلك، فقد انسحب من برنامج الدكتوراه في علوم الحاسوب بجامعة واشنطن ليوقع لاحقًا واحدة من أكبر صفقات التوظيف في تاريخ وادي السيليكون.
حصل ديتكه على جائزة “أفضل ورقة بحثية” في مؤتمر NeurIPS 2022، وهو أحد أهم الفعاليات العالمية في مجال الذكاء الاصطناعي، حيث تمنح الجائزة لـ12 باحثًا فقط من بين أكثر من 10 آلاف مشارك. بعد انسحابه، عمل في معهد ألين للذكاء الاصطناعي في سياتل، وقاد تطوير “مولمو”، روبوت دردشة ذكي متعدد الوسائط يعالج الصور والأصوات والنصوص، وهو مشروع يتماشى مع طموحات شركة “ميتا”.
في نوفمبر الماضي، شارك ديتكه في تأسيس شركة ناشئة اسمها “فيرسيبت”، تختص بتطوير وكلاء ذكاء اصطناعي مستقلين متصلين بالإنترنت. ورغم صغر فريقها الذي لا يتجاوز عشرة موظفين، جمعت الشركة 16.5 مليون دولار من مستثمرين بارزين، بينهم إريك شميدت، الرئيس التنفيذي السابق لجوجل.
مارك زوكربيرج، مؤسس “ميتا”، عرض على ديتكه حزمة تعويضات بقيمة 125 مليون دولار على مدى أربع سنوات، رفضها ديتكه في البداية، لكن حين ضاعف العرض إلى 250 مليون دولار، قبلها فوراً. وفقًا لـ”نيويورك تايمز”، قد يحصل ديتكه على 100 مليون دولار في العام الأول فقط، أي حوالي 1.92 مليون دولار أسبوعيًا.
يرى البروفيسور ديفيد أوتور من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا أن دفع رواتب ضخمة لعلماء الحاسوب يشبه دفع الأجور للاعبي الرياضة المحترفين، ما يعكس مدى التنافس الشرس بين الشركات لجذب أفضل العقول.
صفقة ديتكه ليست الوحيدة؛ فقد استثمرت “ميتا” أكثر من مليار دولار لاستقطاب نخبة من الباحثين، منهم رومينج بانج، الرئيس السابق لفريق الذكاء الاصطناعي في “آبل”، الذي تُقدّر حزمة تعويضاته بأكثر من 200 مليون دولار.
في حديثه عن استراتيجية الشركة، قال زوكربيرج: “عندما تنوي إنفاق مئات المليارات على القدرات الحوسبية وبناء مراكز ضخمة، فمن الطبيعي أن تنافس بقوة لجذب أفضل 50 إلى 70 باحثًا عالميًا”.
ومع ذلك، يشير البروفيسور راميش سرينيفاسان من جامعة كاليفورنيا إلى أن هذا السباق المالي يعمّق التفاوت الاقتصادي، إذ تُمنح مبالغ ضخمة لقلة قليلة بينما تُلغى وظائف أخرى مثل مراقبة المحتوى.
ويبرز سرينيفاسان مفارقة مؤلمة: في حين تُكافأ فرق تطوير نماذج اللغة الكبرى بأموال طائلة، يُهمش العمال الذين وفروا البيانات الأساسية لتدريب هذه النماذج، مما يثير تساؤلات حول العدالة في عصر الذكاء الاصطناعي.