مؤشر تنافسية المواهب .. سباق عالمي على رأس المال البشري في عصر الذكاء الاصطناعي

قبل أكثر من عقد من الزمن، أُطلق مؤشر تنافسية المواهب العالمية لتسليط الضوء على قدرة الدول على جذب وتنمية المواهب والاحتفاظ بها. اليوم، وفي ظل ثورة الذكاء الاصطناعي، والتوترات الجيوسياسية، وتغير متطلبات سوق العمل، تظهر تحولات جذرية في المشهد العالمي للمواهب، حيث تتقدم دول بفضل استثماراتها في الإنسان، بينما تتراجع أخرى رغم قوتها الاقتصادية.

حققت سنغافورة المركز الأول في مؤشر تنافسية المواهب لعام 2025 لأول مرة في تاريخ المؤشر، مدعومة بأنظمة تعليمية متقدمة، وحوكمة رشيدة، ونهج استباقي يضمن قوة عاملة متكيفة ومبتكرة، قادرة على المنافسة في عصر الذكاء الاصطناعي.

شهدت الولايات المتحدة هبوطًا إلى المركز التاسع هذا العام، مقارنة بالمركز الثالث في 2023، وهو أدنى تصنيف لها منذ 2013.

ويُعزى هذا التراجع إلى ضعف نسبي في مخرجات المهارات مقارنة بدول أوروبا وآسيا، إضافة إلى انخفاض مؤشرات الاحتفاظ بالمواهب.

تواصل أوروبا الغربية هيمنتها على المراكز العشرة الأولى، مع سبع دول تتصدرها سويسرا والدنمارك وفنلندا وهولندا، ويُعزى هذا الأداء إلى أنظمة تعليم قوية، واستقرار مؤسسي، واستثمارات مستمرة في الابتكار.

يضع التقرير المهارات التكيفية في قلب تنافسية المواهب، خاصة في ظل الثورة الصناعية الرابعة، وتشمل الذكاء العاطفي، والمرونة، والتحليل وحل المشكلات.

الإمارات تحافظ على صدارتها إقليميًا بالمركز الـ25 عالميًا، متفوقة في استقطاب المواهب (المركز الثالث عالميًا)، مدعومة بانفتاح خارجي استثنائي ومعدلات عالية لتدفق الطلاب والعمالة الماهرة.

تستمر قطر في تعزيز بيئتها المؤسسية لجذب المواهب، محتلة المركز الـ35 عالميًا، مع تركيز على استقطاب الكفاءات (المركز السابع عالميًا)، وإنتاجية العمل العالية، ونظام تعليم متوافق مع احتياجات الاقتصاد (المركز التاسع عالميًا).

ترسخ السعودية موقعها في المنطقة بحلولها في المركز الـ48 عالميًا، مستفيدة من بيئة تنظيمية متقدمة، وكفاءة حكومية عالية، وانخفاض مستويات الفساد، إلى جانب سوق عمل تنافسي.

بالمقابل، تراجعت الصين إلى المركز 53 عالميًا بسبب القيود على الاستثمار الأجنبي وتباطؤ العولمة المالية، ما أثر على قدرتها في جذب المواهب.

يعتمد المؤشر على 77 مؤشرًا فرعيًا تشمل المؤسسات، التعليم، جودة الحياة، الانفتاح، المهارات الرقمية، والابتكار. ويصنف تقرير 2025 “المرونة في عصر الاضطراب” 135 دولة تمثل أكثر من 97% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي و93% من سكان العالم.

ويشير التقرير إلى أن تنافسية المواهب لم تعد مرتبطة بالتعليم أو الاقتصاد وحدهما، بل بالقدرة على التكيف السريع مع واقع عالمي جديد يشهد منافسة محتدمة على رأس المال البشري، مع توقعات بانتقال أكبر نحو الابتكار في السنوات القادمة.