لماذا يخسر معظم المستثمرين الجدد في سوق الأسهم رغم ارتفاع المؤشرات؟

من السهل أن ينجذب المستثمر الجديد إلى سوق الأسهم عندما تلمع المؤشرات وتحقق أرباحًا متواصلة، فتتغذى آمالهم على زيادة رأس المال بسرعة.
لكن الواقع في سوق المال أكثر تعقيدًا، فحتى في فترات الارتفاع المستمر، كثيرون يخرجون بخسائر أو دون تحقيق المكاسب التي توقعوها. فما هي الأسباب الحقيقية وراء هذا التناقض؟
ولماذا يفشل كثير من المستثمرين الجدد في تحقيق النجاح رغم الأجواء الإيجابية للسوق؟
ظاهرة دخول المستثمرين الجدد للسوق بعد بدء الاتجاه الصاعد هي من أخطر الأسباب التي تؤدي إلى خسائرهم. هؤلاء المتأخرون غالبًا ما ينجذبون نحو الأسهم التي شهدت ارتفاعًا سريعًا، لكن هذه الأسهم تحمل مخاطر عالية وتقلبات حادة قد تؤدي إلى خسائر فادحة عند حدوث تصحيح في الأسعار.
مثال واضح على ذلك سهم شركة “نتفليكس”، الذي شهد ارتفاعًا من نحو 500 دولار في يونيو 2021 إلى 680 دولارًا خلال خمسة أشهر فقط، مما دفع كثيرين إلى الشراء بأمل تحقيق أرباح سريعة.
ولكن بعد هذا الارتفاع، تراجع السهم بشدة إلى 340 دولارًا في مارس 2022، أي فقد نصف قيمته تقريبًا، مما يوضح كيف يمكن للتقلبات أن تؤثر بشكل كبير على المستثمرين المتأخرين.
ومع ذلك، فإن من تمسك بالسهم خلال فترة الانخفاض وتمكن من الاحتفاظ به حتى مايو 2025، شهد عودة قوية في السعر إلى أكثر من 1140 دولارًا، محققًا أرباحًا تزيد عن 300%، وهو ما يؤكد أهمية الصبر وعدم اتخاذ قرارات متهورة.
ليس المستثمرون الجدد فقط هم من يقعون في الفخ، بل حتى الخبراء قد يخطئون في تقييم الأسهم أثناء فترات الصعود السريع. سهم نتفليكس، على سبيل المثال، كان يمتلك مضاعف ربحية مبالغ فيه تجاوز 53 مرة، مما يشير إلى تقييم مفرط بعيد عن الواقع الاقتصادي والتحديات السوقية، خاصة مع المنافسة القوية من شركات مثل ديزني وأبل.
هذا يوضح أن الاعتماد على توصيات متكررة أو حركة السوق فقط دون تحليل معمق قد يقود إلى قرارات استثمارية غير سليمة.
القول المأثور “الاتجاه صديقك” يعني في العادة اتباع حركة السوق دون نقد أو تحليل مستقل. لكن هذه العقلية قد تكون السبب الرئيسي في خسائر الكثيرين. غالبية المحللين يميلون إلى التوصية بالشراء في سوق صاعد بأكثر من 80% من الحالات، حتى عندما تشير مؤشرات أخرى إلى أن تقييم الأسهم قد يكون مبالغًا فيه.
على سبيل المثال، أكثر من 70% من المحللين نصحوا بشراء سهم نتفليكس رغم وجود مؤشرات تحذر من ضعف الأساسيات المالية والمنافسة.
تنتشر المضاربات بشكل واسع بين المستثمرين الجدد، الذين يفضلون الربح السريع على الاستثمار طويل الأجل، مما يعرضهم لخسائر متكررة أمام مؤسسات تمتلك رأس مال أكبر ومعلومات أدق.
ظاهرة “أسهم الميم” التي شهدت ارتفاعات صاروخية بين 2020 و2022 دون مبررات مالية واضحة، تعكس هذه الثقة الزائفة. أغلب المتداولين (بنسبة تصل إلى 90%) اعتقدوا أن هذه الأسهم ستستمر في الصعود بلا توقف، لكنها انهارت لاحقًا مخلفة خسائر كبيرة.
أيضًا، يركز نحو 40% من المستثمرين استثماراتهم على سهم واحد أو قطاع واحد فقط، ما يزيد من المخاطر بسبب قلة التنويع.
ارتفاع السوق وحده لا يضمن النجاح أو الأرباح. عوامل مثل الدخول المتأخر، الإفراط في الثقة، اتباع الاتجاه بلا تحليل مستقل، والمضاربة المستمرة تؤدي إلى خسائر متكررة حتى في أوقات الصعود. الاستثمار الناجح يتطلب معرفة عميقة، صبرًا، وتحليلاً موضوعيًا بعيدًا عن التأثر بالعواطف النفسية.