لماذا يختلف تسيير الحكومة عن إدارة الشركات؟

في إطار حملة “كفاءة” التي أطلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تم تفويض الملياردير إيلون ماسك بتنفيذ هذه الحملة، مما أثار تساؤلات حول ما إذا كان ماسك يملك السلطة للقيام بذلك.
و من بين الأسئلة المثارة في هذا السياق هو ما إذا كان ينبغي إدارة الحكومة مثل الشركات التجارية. الجواب، ببساطة، هو لا. فهناك اختلافات جوهرية بين أهداف الحكومة وأهداف الشركات تجعل من غير المنطقي محاولة تطبيق نموذج إدارة الشركات على الحكومة.
أولاً، يمكن لأصحاب الأعمال اختيار نوع المنتجات أو الخدمات التي يقدمونها، بالإضافة إلى تحديد العملاء المستهدفين. أما الحكومة، فليس لديها هذا الخيار.
فهي ملزمة بتقديم الخدمات والسلع لجميع المواطنين في أي منطقة جغرافية، سواء كانت مدينة أو دولة، وذلك وفقًا لما يقرره الممثلون المنتخبون الذين تم اختيارهم من قبل الناخبين.
و على عكس الشركات، حيث يسعى أصحاب الأعمال لتحقيق الربح من خلال خدمات معينة لشرائح معينة، فإن الحكومة تهدف إلى تلبية احتياجات جميع أفراد المجتمع بغض النظر عن أرباح هذه الخدمات.
وعلى الرغم من أن الكثير من الناس يفضلون الكفاءة التي قد تقدمها الشركات، إلا أن الحكومة يجب أن تعكس الإرادة الشعبية من خلال التمثيل الديمقراطي.
إن فرض القرارات بشكل منفرد من شخص واحد، كما يحدث في الشركات، قد يؤدي إلى نظام ديكتاتوري. وفي الواقع، نحن نعلم أن السلطة المطلقة تؤدي إلى الفساد، ولذلك وضعت أنظمة ديمقراطية ضمانات لتفادي هذا النوع من السلطة الفردية.
لكن هذا لا يعني أنه لا يمكن تطبيق بعض المبادئ التجارية في الحكومة. على سبيل المثال، يمكن تقديم مكافآت للموظفين الحكوميين الذين يظهرون أداءً استثنائيًا. كما أن هناك محاولات مستمرة لتحسين الكفاءة في بعض الخدمات الحكومية، مثل خدمة البريد الأمريكية، التي تسعى لتقليل التكاليف وتحسين الجودة.
ومع ذلك، يجب أن نتذكر أن الحكومة ليست مؤسسة ربحية. يجب أن تقدم خدماتها لجميع المواطنين، بما في ذلك المناطق الريفية أو الأقل نموًا، دون النظر إلى الأرباح المحتملة.
ومن ثم، فإنه من غير الواقعي أن نتوقع من الحكومة أن تكون بنفس مستوى الكفاءة الذي تتمتع به الشركات التجارية.
في النهاية، الهدف من الحكومة ليس تحقيق الكفاءة فحسب، بل تحقيق الديمقراطية من خلال تمثيل الشعب وتقديم الخدمات الأساسية التي يحتاجها الجميع.