لماذا يحتفظ وارن بافت بـ 347.7 مليار دولار في السيولة؟

في ختام الربع الأول من العام الحالي، وصل حجم السيولة التي تمتلكها شركة “بيركشاير هاثاواي” إلى أعلى مستوى في تاريخها، حيث بلغ 347.7 مليار دولار.
هذه الزيادة الكبيرة قد تشير إلى توخي “وارن بافت” الحذر في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة. لكن، ما الذي يفسر احتفاظ بافت بكل هذه السيولة الضخمة؟ هل هي خطة لتحصين استثماراته أم أنه ينتظر فرصًا جديدة في المستقبل؟
خلال الاجتماع السنوي للمساهمين الذي عُقد في وقت سابق من هذا الشهر، تحدث “وارن بافت” عن العجز المالي الفيدرالي الذي بلغ 7% من إجمالي الناتج المحلي الأمريكي.
وحذر من أن هذه النسبة تمثل تهديدًا طويل المدى، مشيرًا إلى أن النسبة المثلى التي يمكن تحمّلها يجب أن تكون 3% فقط. كما عبّر عن قلقه من استمرار الحكومة في طباعة النقود كحل مؤقت للتغطية على هذا العجز، دون تقديم حلول طويلة الأمد.
من خلال تصريحاته، يظهر أن “بافت” لا يراهن بشكل علني ضد الحكومة الأمريكية، بل يعتقد أن المسؤولين سيواصلون ارتكاب الأخطاء التي تساهم في زيادة العجز المالي، مما يؤدي إلى تدهور قيمة الدولار. هذه النظرة تجعلنا نتساءل عن استراتيجياته المستقبلية في ظل هذه الظروف.
يشير العديد من الخبراء الاقتصاديين إلى أن احتفاظ “بافت” بهذه الكمية الضخمة من السيولة يعد مؤشرًا على استعداده لاغتنام فرص استثمارية قادمة.
كما ذكر في الاجتماع السنوي للمساهمين، قائلاً: “قد تكون الفرصة في الأسبوع المقبل أو بعد خمس سنوات، وفي كلتا الحالتين سنكون مستعدين للاستفادة من هذه السيولة”.
أشار “بافت” إلى شركة “جيكو”، إحدى شركاته التابعة، كأحد الأمثلة الناجحة التي تعكس ما يمكن أن تتعلمه الحكومة الأمريكية من قطاع الأعمال لتحسين أوضاعها المالية. تعتبر “جيكو” واحدة من أكثر الاستثمارات نجاحًا بالنسبة له، حيث تعد الشركة نموذجًا لتفكير “بافت” في الاستثمار طويل الأمد.
في سن الـ21، وبينما كان يدرس في كلية إدارة الأعمال بجامعة كولومبيا، اكتشف “بافت” أن رئيس مجلس إدارة شركة التأمين “جيكو” كان أحد أساتذته.
هذا الاكتشاف دفعه للقاء مسؤول تنفيذي في الشركة، ما أثار اهتمامه بنموذج العمل الذي تتبعه “جيكو”، ليقرر وضع 75% من ثروته في أسهم الشركة بعد تصفية معظم استثماراته الأخرى.
في السبعينيات، كانت “جيكو” تواجه خطر الانهيار، فبدأ “بافت” في شراء أسهمها بشكل تدريجي حتى تمكنت “بيركشاير هاثاواي” من الاستحواذ الكامل على الشركة في عام 1996. واليوم، تمثل “جيكو” مثالًا على قدرة “بافت” على تحديد الفرص الاستثمارية الحقيقية حتى في الأوقات الصعبة.
في الوقت الحالي، تحقق شركة “جيكو” أرباحًا قياسية بفضل تبنيها نموذجًا ماليًا صارمًا وإلغاء البيروقراطية. هذا النجاح يعد بالنسبة لـ “بافت” نموذجًا للأمور التي تحتاجها الحكومة الأمريكية للخروج من أزمتها المالية المستمرة.
على الرغم من التذبذبات الأخيرة التي شهدتها الأسواق المالية، مثل التصحيح الذي وقع في مارس أو التقلبات التي حدثت في بداية أبريل، لا يبدو أن “بافت” مقتنع بأن هذه هي الفرصة المناسبة للاستثمار. فهل يتوقع المزيد من التقلبات أو التدهور في المستقبل القريب؟