لماذا يتعثر المغرب في تحقيق أهدافه الطاقية المستدامة؟

يواجه المغرب تحديات كبيرة في مساره نحو التحول الطاقي، فتقرير حديث صادر عن المعهد المغربي لتحليل السياسات بعنوان “سياسات الانتقال الطاقي بالمغرب”، يسلط الضوء على مجموعة من الإخفاقات التي تعرقل تحقيق هذا التحول الحيوي.
يكشف التقرير أن الأسباب الرئيسية تكمن في تعدد الجهات الفاعلة، تعثر المشاريع الكبرى، التأخر في استغلال مصادر الطاقة المتجددة، وضعف التقدم في مجال الغاز الطبيعي.
هذه المعوقات تدفع المغرب إلى التساؤل عن مدى قدرته على تحقيق أهدافه الطاقية المستدامة.
على الرغم من تخصيص المغرب لمبالغ مالية ضخمة لقطاع الطاقة، إلا أن النتائج المرجوة لم تتحقق بعد في سياسات الانتقال الطاقي.
يوضح التقرير أن التحديات التنظيمية والسياسية والاقتصادية لعبت دورًا كبيرًا في هذا التراجع.
بشكل خاص، ساهم تأخر تنفيذ المشاريع الكبرى، مثل برنامج “نور” لتطوير الطاقات المتجددة، والتأجيل المستمر لخطة تحويل الغاز إلى طاقة، في تفاقم الوضع. هذا التأخر يبقي المغرب معتمدًا بشكل كبير على الاستيراد لتلبية احتياجاته الطاقية.
كما أشار التقرير إلى أن خصخصة مصفاة التكرير الوحيدة في البلاد خلفت آثارًا سلبية على سوق الوقود والمالية العامة.
و لتحقيق انتقال طاقي ناجح، يؤكد التقرير على ضرورة تجاوز هذه الإكراهات، والتي تتضمن توحيد الجهود وتفعيل المشاريع المعلنة، إضافة إلى مراجعة النموذج التنظيمي لضمان فعالية أكبر في تنفيذ السياسات الطاقية.
يبرز التقرير أن تعدد المؤسسات العاملة تحت إشراف وزارة الطاقة والمعادن والماء والبيئة، مثل الوكالة المغربية للطاقة المستدامة (MASEN)، والمكتب الوطني للهيدروكربونات والمناجم (ONHYM)، ومعهد أبحاث الطاقة الشمسية والطاقات الجديدة (IRSEN)، قد أدى إلى تعقيد التنسيق بين مختلف الأطراف. هذا التعقيد يشكل عائقًا أمام التقدم المنشود في مجال الانتقال الطاقي.
منذ التسعينات، أطلق المغرب سياسات لضمان إمدادات مستقرة من الطاقة من خلال استثمارات كبيرة للقطاع العام، مع التركيز على تعزيز التنافسية واستقرار الأسعار.
ومع ذلك، لا يزال الاعتماد شبه الكامل على الاستيراد يشكل عبئًا ثقيلًا على الميزان التجاري وميزان المدفوعات، وذلك رغم المحاولات المتكررة لتعزيز الاستقلالية الطاقية وخفض تكاليف الإنتاج.
يُذكر أن هذا التقرير أُعد في إطار مشروع “الجسر الأخضر للانتقال البيئي العادل”، وهي مبادرة إقليمية تمتد من 2023 إلى 2025، تقودها مبادرة الإصلاح العربي، بالشراكة مع حلول السياسات البديلة – الجامعة الأمريكية بالقاهرة، والمعهد المغربي لتحليل السياسات، وبدعم من الاتحاد الأوروبي والوكالة السويدية للتنمية الدولية.