اقتصاد المغربالأخبار

لقجع : التمويلات المبتكرة ضاعفت الاستثمارات العمومية من 195 إلى 380 مليار درهم في 6 سنوات

في خطوة غير مسبوقة على صعيد تمويل المشاريع العمومية، كشف فوزي لقجع، الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، عن استثمار المغرب لما يُعرف بـ”التمويلات المبتكرة” لتعبئة نحو 126 مليار درهم خلال الفترة الممتدة من 2019 إلى نهاية أكتوبر 2025.

هذه الاستراتيجية المالية الجديدة تهدف إلى دعم الاستثمار العمومي دون زيادة المديونية، لكنها في الوقت ذاته تفتح نقاشاً واسعاً حول قدرتها على تحقيق أثر اقتصادي واجتماعي ملموس.

وتوضح المعطيات الرسمية أن هذه الأموال ساهمت في مضاعفة حجم الاستثمارات العمومية من 195 مليار درهم سنة 2019 إلى 380 مليار درهم متوقعة في مشروع قانون المالية لسنة 2026.

ويعكس هذا النمو السريع التزام الدولة بتسريع المشاريع الكبرى ودعم القطاعات الاجتماعية، غير أن السؤال المطروح يتمثل في مدى جودة هذه الاستثمارات وتأثيرها الحقيقي على النمو، التشغيل، وتقليص الفوارق المجالية.

ويعتمد النموذج الحكومي على تفويت أصول عقارية عمومية لمستثمرين مؤسساتيين مع احتفاظ الدولة بحق استغلالها، ما يُمكنها من تمويل مشاريع جديدة دون زيادة المديونية.

إلا أن هذا الخيار، رغم مبرراته المحاسبية على المدى القصير، يطرح إشكالات استراتيجية حول مدى اعتماد الدولة على تحويل الأصول إلى سيولة، والحفاظ على سيادتها الاقتصادية على المدى المتوسط والبعيد.

ويؤكد الخطاب الرسمي أن الموارد المعبأة مخصصة للاستثمار، وخصوصاً في مجالي التعليم والصحة باعتبارهما ركائز التنمية البشرية. ورغم ذلك، تشير التجربة المغربية إلى أن ضخ الأموال وحده لا يكفي لتحسين جودة الخدمات أو معالجة الاختلالات البنيوية، بل يتطلب ذلك حكامة صارمة، تقييم دقيق لنجاعة المشاريع، وربط التمويل بالنتائج الفعلية على الأرض.

من الناحية القانونية، يستند هذا النموذج إلى إطار تشريعي قديم يعود لسنة 1967، يسمح بتفويت عقارات الدولة للمؤسسات والمقاولات العمومية بالتراضي. ومع أن ذلك يوفر تغطية قانونية، فإن الوضع الاقتصادي الحالي يستدعي مراجعة هذا الإطار لضمان أعلى مستويات الشفافية والمساءلة، ومنع تحول “التمويل المبتكر” إلى مجرد بيع مؤجل لأملاك الدولة تحت ضغط الاحتياجات المالية العاجلة.

في النهاية، يشير الرقم القياسي 126 مليار درهم وارتفاع الاستثمارات العمومية بنسبة تقارب 95٪ إلى جرأة الدولة في اختيارات التمويل، لكنه يترك سؤالاً جوهرياً: هل هذه الآليات تشكل نموذجاً مستداماً لتعزيز الثروة العمومية على المدى الطويل، أم مجرد حل تقني مؤقت لتأجيل الإصلاحات العميقة وإعادة توزيع الموارد دون معالجة جذور التحديات التنموية؟ هنا يكمن الاختبار الحقيقي لسياسات المالية العمومية في المغرب.

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى