كيف يمكن للشركات التكيف مع الأزمات وتحويلها إلى فرص

لا توجد شركة محصنة ضد الأزمات، سواء كانت كارثة طبيعية، أزمة اقتصادية، أو حتى تغييرات مفاجئة في السوق. في مثل هذه الأوقات، تصبح القدرة على التكيف السريع عاملًا أساسيًا للبقاء والنمو في بيئة الأعمال المتقلبة.
يُفضل رواد الأعمال الناجحون غالبًا التوجه نحو فهم المشكلة أولًا قبل السعي لإيجاد الحلول. ذلك لأن الانشغال بحل واحد قد يُلهيهم عن الاحتياجات المتغيرة للعملاء.
و من خلال التفكير في المشكلة بشكل دائم، يمكن تقييم الأولويات بمرونة، مما يعزز القدرة على إحداث التأثير الأكبر.
يظهر هذا جليًا في تحول منصة “زووم” من أداة تواصل موجهة للشركات فقط إلى وسيلة أساسية للتعليم والعمل عن بُعد في ظل جائحة كوفيد-19.
الاستجابة الفعالة لأزمة صحية عالمية ساعدت “زووم” في تعزيز مكانتها في السوق على المدى الطويل.
كما يظهر أيضًا في استجابة شركة “ريلم” لحرائق الغابات في لوس أنجلوس. بدلاً من التركيز على تجديد المنازل القديمة، تحولت الشركة لتلبية احتياجات الطوارئ من خلال مساعدة المتضررين في إعادة بناء منازلهم.
من خلال هذه التجارب، استخلص صاحب شركة “ريلم” ثلاث دروس رئيسية حول أهمية التكيف السريع في أوقات الأزمات:
التكيف دون التفريط في الهوية الأساسية: القدرة على التكيف السريع لا تعني التخلي عن القيم أو الهوية الأساسية للشركة، بل تتمحور حول إعادة توجيه القدرات لتلبية الاحتياجات العاجلة.
فهم المشكلة الحقيقية والتخطيط المسبق: التكيّف لا يقتصر على الاستجابة الفورية للأزمات فقط، بل يشمل القدرة على تحديد المشكلات العميقة والعمل على حلول استباقية.
استراتيجيات التكيف السريع في مواجهة الأزمات |
||
1- تحديد الاحتياجات الناشئة ومواءمتها مع نقاط القوة الأساسية لعلامتك التجارية |
|
– عند مجابهة الأزمات، ينبغي للمرء أن يطرح 3 أسئلة جوهرية: ما مكامن قوتنا؟ وأين تكمن خبرتنا؟ وما الجهة التي نخدمها؟ ولنأخذ مثال شركة “ريلم” أعلاه: أولاً: ما مكامن قوة الشركة؟ لطالما دأبت الشركة على مساعدة أصحاب المنازل في إدارة المشاريع المعقدة وطويلة الأمد. ثانيًا: أين تكمن خبرتها؟ – لقد كانت مدينة لوس أنجلوس على الدوام أكبر أسواقها ومركزًا لعملياتها. ثالثًا: ما الجهة التي تخدمها الشركة؟ – هنا طرأ التغيير الجوهري؛ فبدلًا من خدمة العملاء الذين ينوون تجديد منازلهم، وجهت الشركة جلّ جهودها لمساعدة أولئك الذين فقدوا منازلهم على نحو مفاجئ. – والشاهد هنا أن هذا التحول لم يكن مجرد استجابة طارئة للأزمة، بل كان بمثابة فرصة سانحة لإعادة تحديد دور الشركة في السوق. – لقد لجأت الشركة إلى تكييف خدماتها لتلبية الاحتياجات المستجدة، مثل مساعدة العملاء في مطالبات التأمين، والحصول على تراخيص إعادة البناء، وإيجاد مقاولين موثوقين في ظل انتشار عمليات الاحتيال التي تعقب الكوارث. – وبالمثل، بادرت شركة “إير بي إن بي” أيضًا بالتحرك بعد حرائق الغابات، التي شردت الآلاف من الأشخاص، من خلال توسيع برنامج “المنازل المفتوحة” لتقديم سكن مؤقت مجاني للمهجرين من حرائق الغابات وفرق الاستجابة الأولية. |
إشراك فريق العمل والعملاء في عملية التحول |
|
– بعد تحديد الوجهة الاستراتيجية الجديدة، يتطلب الأمر ضمان توافق فريق العمل والعملاء مع هذه الرؤية المُستجدة. وتحقيقًا لهذه الغاية، يُنصح بانتهاج 3 خطوات محورية: – توضيح الرؤية: يجب التوضيح بأن هذا التحول ليس مجرد فكرة عابرة، بل هو قرار استراتيجي مُحكم يستوجب التنفيذ العاجل. – وينبغي أن يُدرك فريق العمل أن الشركة ليست بصدد التفكير في إجراء ما، بل هو قيد التنفيذ الفعلي، وأنكم ستحددون مساره معًا. – ولا تنس أن السرعة والمرونة أمران أساسيان، لذا كن صريحًا بشأن وتيرة التغيير المطلوبة من جميع أعضاء الفريق. – شرح الأسباب: من الضروري أن يستوعب الجميع أن الهدف الأسمى يتمثل في تلبية احتياجات العملاء المتضررين، الأمر الذي سيُعزز بدوره قيمة أعمال الشركة ومكانتها. – الوضوح بشأن المهام الضرورية: من الأهمية بمكان في وقت الأزمات، تحديد الأولويات والتركيز على المهام ذات الأثر الأكبر، مع تجنيب الفريق الانشغال بمهام ثانوية أو غير ضرورية. – أما فيما يتعلق بالعملاء، فتقتضي الضرورة بناء جسور من الثقة عبر التواصل الشفاف والصريح. – ففي الأوقات العصيبة، يزداد حذر العملاء خشية الوقوع ضحية للاستغلال، لذا يجب على الشركة أن تُبين لهم بصدق وشفافية أسباب كونها مؤهلة لتقديم العون والمساعدة، استنادًا إلى خبراتها الراسخة وسوابق أعمالها. |
3- سرعة التكيف مع ضمان الاستدامة |
|
– يستلزم التعامل مع الأزمات استجابةً فورية وسريعة، بيد أنه من الضروري تحقيق ذلك دون المساس بمبدأ الاستدامة. – يقتضي التكيف الناجح وضع خطط زمنية محددة المعالم واتخاذ قرارات حاسمة مع الاستعداد لإجراء التعديلات اللازمة عند الاقتضاء. – وينبغي أن يكون هناك إيمان راسخ بأن وتيرة التحول يجب أن تُقاس بالأيام والساعات، لا بالأسابيع والأشهر. وعليه، يصبح من الضروري وضع جدول زمني واضح يحدد التوجيهات والنتائج المنشودة. – ولا يخفى على أحد أن التأقلم مع الأزمات يتطلب قدرا من المجازفة وخوض غمار التجارب في ميادين لم يتم خوضها من قبل. – وإذا ما أقدمت على ذلك دون فهم واضح لمعنى النجاح والأمد الزمني اللازم لتحقيقه، فقد ينتهي بك المطاف إلى مبادرات مُطولة تُعيق سير الأمور. – عوضًا عن ذلك، حدد أُطرًا زمنية واضحة المعالم: كيف يمكنك اختبار فكرة ما في غضون 24 ساعة بدلًا من أسبوعين؟ تقبل حقيقة أنه قد يتم التضحية ببعض الدقة لصالح السرعة. – وعندما يطرأ التغيير بوتيرة متسارعة، قد يُحدث ذلك شيئًا من الارتباك والفوضى، لذا يصبح من الضروري إسناد مسؤوليات واضحة ومُحددة. – تأكد من أن أعضاء الفريق على دراية تامة بمسؤولياتهم وأنهم يشعرون بالتمكين اللازم لتجاوز العقبات. |
التواصل الفعال والشفافية: في الأوقات العصيبة، يصبح التواصل مع الفريق والعملاء أمرًا حيويًا. الشفافية والمشاركة في القرارات يمكن أن تساهم في تعزيز الثقة وتوجيه الجهود بشكل مثمر.
في النهاية، الشركات التي تتقن هذه المهارات لا تتجاوز الأزمات فحسب، بل تخرج منها أكثر قوة ومرونة، وتكون مستعدة لتحويل التحديات إلى فرص جديدة للنمو والتوسع.