كوريا الجنوبية تضخ 23 مليار دولار لإنعاش الاقتصاد وسط توتر تجاري متصاعد مع واشنطن

في خطوة حاسمة تهدف إلى مواجهة الركود الاقتصادي وتزايد التحديات التجارية، صادق البرلمان الكوري الجنوبي على ميزانية تكميلية ضخمة بقيمة 31.8 تريليون وون (ما يعادل 23.3 مليار دولار)، وذلك بعد موافقة الحكومة والرئيس الجديد لي جاي ميونغ، الذي يضع في صلب أولوياته إنعاش الاقتصاد وتعزيز الاستهلاك المحلي.
هذه الحزمة المالية، التي تعد أكبر من المقترح الحكومي الأولي البالغ 30.5 تريليون وون، ستُوجه جزئيًا لسد فجوة في الإيرادات العامة الناتجة عن تراجع أداء الشركات وانخفاض تحصيل الضرائب.
كما ستُخصص نسبة كبيرة منها لتوزيع قسائم نقدية مباشرة للأسر، في محاولة لتحفيز الاستهلاك الداخلي، حيث سيبدأ توزيع 150 ألف وون لكل فرد ابتداءً من 21 يوليو، تليها دفعة ثانية بقيمة 100 ألف وون في سبتمبر.
ورغم أهمية الميزانية، شهدت جلسة التصويت مقاطعة من قبل أحزاب المعارضة، احتجاجًا على توجهات الحكومة الاقتصادية وتباين المواقف بشأن السياسات العامة.
وتتزامن هذه التطورات مع اقتراب موعد حاسم في 9 يوليو، يمثل نهاية المهلة المحددة للمفاوضات التجارية مع الولايات المتحدة.
وأكد الرئيس الأميركي دونالد ترمب أن واشنطن ستبدأ بإبلاغ 12 دولة شريكة بقراراتها بشأن فرض رسوم جمركية جديدة. وتغادر وزيرة التجارة الكورية، يو هان كو، إلى واشنطن في محاولة أخيرة لتمديد المهلة وتفادي تصعيد تجاري جديد قد تكون له آثار مدمرة.
وفي مؤتمر صحفي، أقر الرئيس لي بصعوبة المفاوضات الجارية، مشيرًا إلى أن “كل طرف لا يزال يجهل بالضبط ما يريده الطرف الآخر”، محذرًا من تداعيات عدم التوصل إلى اتفاق، حيث ستقفز الرسوم الجمركية على صادرات كوريا الجنوبية إلى الولايات المتحدة من 10% إلى 25%.
كوريا الجنوبية، التي تعتمد بنسبة تفوق 40% من ناتجها المحلي الإجمالي على الصادرات، تواجه تحديات كبيرة في ظل هذه الظروف، خصوصًا في قطاعات السيارات وأشباه الموصلات والبطاريات، والتي تعتبر من ركائز الاقتصاد الوطني.
وسيتم تمويل هذا البرنامج المالي عبر مزيج من تخفيض النفقات العامة وإصدار سندات حكومية جديدة، بحسب وزارة المالية، التي أكدت أن الهيكلة الجديدة لن تُثقل كاهل الميزانية العامة.
من جهته، أشار محافظ بنك كوريا، ري تشانغ يونغ، إلى أن التحفيز الحالي قد لا يكون كافيًا، مرجحًا الحاجة إلى تدخلات إضافية خلال العام المقبل إذا استمر تباطؤ النمو.
بذلك، تدخل كوريا الجنوبية مرحلة دقيقة من التوازن بين السياسات التحفيزية والحفاظ على استقرار مالي، وسط رياح خارجية عاتية تهدد بتقويض مكتسباتها الاقتصادية.