قانون مالية 2026: حزمة إصلاحات اقتصادية لتعزيز السيادة والشفافية

كشفت مسودة مشروع قانون المالية لسنة 2026 عن حزمة من الإجراءات الكبرى تهدف إلى تدعيم السيادة الاقتصادية وتعزيز الشفافية في المعاملات، بالتوازي مع دفع تنافسية القطاعات المنتجة ومواصلة أجندة الإصلاحات الاجتماعية والاستثمارية.
وتضمنت الإجراءات الجديدة تغييرات جذرية في النظامين الجبائي والجمركي، تمس بشكل مباشر ملفات استراتيجية تتراوح بين الأمن الغذائي ورقمنة الإدارة الجمركية وتمويل الحماية الاجتماعية.
و على الصعيد الجمركي، جاء أبرز المستجدات الحكومية بهدف مواجهة تداعيات الجفاف وتراجع القطيع الوطني، حيث قرر المشروع مضاعفة حصة استيراد الأبقار الحية إلى 300 ألف رأس، بعد أن كانت محددة في 150 ألفاً، في خطوة لتأمين تموين السوق الوطنية من اللحوم الحمراء وضبط أسعارها.
وفي سياق آخر، قررت الحكومة تأجيل تطبيق نظام الوسم الضريبي على المحروقات إلى غاية سنة 2028، وذلك لتوسيع نطاق تطبيقه ليشمل أنواعاً جديدة من الوقود، وضمان جاهزية المنظومة التقنية واللوجستية قبل الشروع في التنفيذ الكامل.
شهدت الإدارة الجمركية نقلة نوعية في أدوات العمل، حيث نص المشروع على إدماج تقنية الـ”بلوك تشين” في مسار التخليص الجمركي، في محاولة لتعزيز الشفافية وتتبع الوثائق التجارية بشكل أكثر دقة وأماناً. كما سمح النص باستخدام الطائرات المسيّرة والكاميرات الحديثة في عمليات المراقبة الميدانية، لزيادة فاعلية الرقابة.
ولمواكبة هذا التطور، تم إلزام الشركات المستوردة بتحديد المواقع الدقيقة لتخزين أو تحويل بضائعها، ما يتيح للإدارة تتبعها بعد عملية الاستيراد.
على المستوى الجبائي، ركز المشروع على توسيع قاعدة الوعاء الضريبي وتعديل آجال الأداء. ويقترح توسيع نطاق الاقتطاع من المنبع ليشمل المداخيل الكرائية ذات الطبيعة المهنية بنسبة 5%.
كما تم إعادة تنظيم طريقة أداء الضريبة على الأرباح الرأسمالية، حيث سيصبح إلزامياً أداؤها في آجال لا تتعدى 30 يوماً بعد كل عملية بيع للعقارات، بدلاً من النظام المعمول به حالياً القائم على الأداء السنوي.
تضمن المشروع حوافز داعمة للاستثمار، أبرزها إقرار إعفاء جديد من الضريبة على القيمة المضافة (TVA) للمخصبات الزراعية. كما تم توحيد آجال الإعفاء الممنوحة على المعدات الاستثمارية سواء كانت مستوردة أو مصنعة محلياً.
وفي إطار تمويل برامج الحماية الاجتماعية، تمت المصادقة على تمديد العمل بـ”المساهمة الاجتماعية للتضامن” إلى غاية سنة 2028، لضمان استدامة التمويل اللازم للمشاريع الاجتماعية.
من جهة أخرى، تضمنت إجراءات مرافقة لبرنامج السكن، منها توسيع الاستفادة لتشمل المالكين في وضعية الشيوع (الملكية المشتركة)، وتحديد شروط واضحة لاسترجاع الدعم المالي في حال الإخلال بالتزامات البناء، بالإضافة إلى تنظيم مساطر رفع الرهن العقاري.