فوكسكون تتحول من عملاق الإلكترونيات إلى لاعب رئيسي في الذكاء الاصطناعي

من مصنع هواتف “آيفون” إلى قلب الابتكار في الذكاء الاصطناعي، نجحت شركة “فوكسكون” التايوانية خلال سنوات قليلة في إعادة تعريف مكانتها على الساحة العالمية للتكنولوجيا، لتصبح اليوم أحد الأعمدة الأساسية للبنية التحتية للتقنيات المتقدمة، بقيادة الرئيس التنفيذي يونج ليو.
عندما تولى يونج ليو منصب الرئيس التنفيذي منتصف 2019، كانت “فوكسكون” تعتمد بدرجة كبيرة على تصنيع منتجات “آبل”.
لكن أسلوبه القيادي المختلف، الذي اتسم بالانفتاح والحضور الإعلامي الواضح، أعطى الشركة هوية جديدة ورؤية توسعية تتجاوز حدود تصنيع الإلكترونيات التقليدية.
بدأ ليو في إعادة هيكلة الشركة لتقليل اعتمادها على السوق الصينية و”آبل”، حيث شكلت منتجات الإلكترونيات نحو 54% من الإيرادات في 2021.
وفي الوقت نفسه، شرعت الشركة في التوسع نحو قطاعات جديدة، تشمل الروبوتات، السيارات الكهربائية، وأحدثها الذكاء الاصطناعي، بهدف تأمين مصادر نمو مستدامة.
عمل يونج ليو على تعزيز شبكة الشراكات الدولية، خصوصًا مع شركات وادي السيليكون الكبرى. توسعت “فوكسكون” في التعاون مع “إنفيديا” لتصبح المورد الرئيسي لها، كما دخلت شراكات مع شركات مثل “ستيلانتس” و”أوبر” لتطوير أنظمة القيادة الذاتية، ما عزز مكانتها في سوق التكنولوجيا المتقدمة.
خلال الربع الثالث من العام الحالي، تجاوزت إيرادات “فوكسكون” من خوادم الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية إيرادات الإلكترونيات التقليدية للربع الثاني على التوالي، لتشكل نحو 42% من إجمالي الإيرادات، مؤكدة تحول الشركة إلى لاعب رئيسي في هذا القطاع.
لم يكن دخول “فوكسكون” إلى مجال الذكاء الاصطناعي مفاجئًا؛ فالشركة بدأت تصنيع معالجات “إنفيديا” منذ 2002 ودخلت سوق خوادم مراكز البيانات عام 2009. ومع صعود تطبيقات مثل “شات جي بي تي” أواخر 2022، أصبح استثمارها المبكر في هذه التقنيات ركيزة أساسية لمكانتها في سلاسل التوريد العالمية.
تستحوذ “فوكسكون” اليوم على نحو 40% من سوق الخوادم التقليدية وحصة مماثلة في سوق خوادم الذكاء الاصطناعي، مدعومة بعلاقات قوية مع “إنفيديا” وعدد من شركات وادي السيليكون. وتخطط لبناء مصانع جديدة في الولايات المتحدة والمكسيك لدعم التوسع في السوق الأمريكية.

أكد يونج ليو أن الشركة ستستثمر بين 2 إلى 3 مليارات دولار سنويًا في الذكاء الاصطناعي خلال السنوات الثلاث إلى الخمس المقبلة، أي أكثر من نصف إنفاقها الرأسمالي السنوي، ليصبح الذكاء الاصطناعي النشاط الرئيسي للشركة بدلًا من الإلكترونيات التقليدية.
يعكس تحول “فوكسكون” جزءًا من حركة أوسع في صناعة التكنولوجيا التايوانية، إذ يشير مستشار الصناعة كريس وي إلى أن تايوان مسؤولة عن نحو 80% من شحنات الخوادم العالمية وأكثر من 90% من خوادم الذكاء الاصطناعي، ما يعكس مكانة البلاد الرائدة عالميًا.
من المتوقع أن تعزز “فوكسكون” موقعها في سوق خوادم الذكاء الاصطناعي والمعالجات خلال السنوات المقبلة، مستفيدة من الزخم المتزايد حول التقنيات الجديدة، لتصبح إلى جانب “إنفيديا” أحد الأعمدة الرئيسية للتكنولوجيا المتقدمة عالميًا.




