فوضى قطاع سيارات الأجرة ودعوات لإصلاح شامل عبر إنشاء وكالة مستقلة

تشهد خدمات سيارات الأجرة في بلادنا أزمة متصاعدة تتمثل في الفوضى والتجاوزات التي تؤثر على جودة النقل وتثقل كاهل المستخدمين. تعاني هذه الخدمة الأساسية من تراجع في الأداء وغياب تنظيم واضح، ما يفتح الباب أمام انتشار بدائل غير قانونية تشكل تهديداً لاستقرار القطاع وحقوق المستهلكين.
في ضوء هذه التحديات، بادر فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب إلى اقتراح إنشاء وكالة مستقلة مالياً وإدارياً تكون مسؤولة عن تسيير وتنظيم قطاع سيارات الأجرة، وذلك بهدف وضع حد للفوضى، وتحسين جودة الخدمات، وتحديث أسطول السيارات، إضافة إلى تعزيز الحقوق المهنية والاجتماعية لسائقي الأجرة.
وأبرز الفريق في سؤال كتابي عدة نقائص يعاني منها القطاع، تتمثل في تعدد الفاعلين من مؤسسات مركزية وجهوية، ومن القطاعين العام والخاص، ما يصعب معه فرض نظام فعال وتنظيم منسجم، وهو ما يجعل من إحداث وكالة متخصصة خطوة ضرورية لإعادة الانضباط وضمان تدبير مهني لهذا القطاع الحيوي.
ويعتبر الفريق أن تأسيس هذه الوكالة سيؤمن استدامة الخدمات ويُحسّن من جودتها، كما سيساعد على رفع مستوى الأداء المهني والاجتماعي لسائقي سيارات الأجرة، وهو ما يصب في مصلحة المواطن بشكل مباشر.
هذه المطالب تأتي في وقت تؤكد فيه وزارة الداخلية حرصها على معالجة مشاكل القطاع وتطويره، خصوصاً مع اقتراب استضافة المغرب لتظاهرات عالمية تتطلب مستوى عالٍ من الخدمات في مجال النقل.
إلا أن المذكرات الوزارية التي صدرت حتى الآن، والتي تعنى بضبط القطاع، غالباً ما تقابل بردود فعل احتجاجية من قبل المهنيين، في ظل استمرار ملاحظات حول الفوضى والتجاوزات التي تحتاج إلى حلول جذرية.
وفي مذكرة أطلقها وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت قبل أشهر، تم التأكيد على وجوب التصدي بحزم لمظاهر الفوضى والتجاوزات داخل القطاع، مع السعي لتحسين جودة خدمات سيارات الأجرة لتلبي تطلعات المواطنين وتتواكب مع متطلبات الأحداث الدولية المرتقبة.
وأشار الوزير إلى العديد من المشاكل التي تواجه القطاع، من بينها استمرار استخدام مركبات قديمة وغير مطابقة للمواصفات، ورفض تغطية بعض الخطوط والمسارات، وانتقائية في اختيار الزبناء، والتعامل غير اللائق، فضلاً عن عدم الالتزام بالتعرفة الرسمية وعدم استخدام العدادات.
وحذر لفتيت من أن هذه التجاوزات تؤثر سلباً على صورة وجودة النقل، مما يدفع شريحة كبيرة من المستخدمين إلى الابتعاد عن سيارات الأجرة واللجوء إلى وسائل نقل غير منظمة أو خاصة، وهو ما يضر بمصالح مهنيي القطاع ويهدد توازنه واستقراره.
في المجمل، يعكس الواقع الحالي لقطاع سيارات الأجرة الحاجة الماسة إلى إصلاح هيكلي وتنظيمي شامل، يُمكن تحقيقه عبر إحداث وكالة مستقلة ومتخصصة تُعنى بإدارة شؤون القطاع، وتطوير خدماته، وضمان توازن المصالح بين المواطنين والمهنيين على حد سواء.