فن التفاوض عند ترامب: قواعد اللعب على الحافة
![فن التفاوض عند ترامب: قواعد اللعب على الحافة 1 donald trump 190800451 Detafour](https://detafour.com/wp-content/uploads/2025/01/donald-trump-190800451-16x9_0.webp)
يتميز أسلوب التفاوض الذي يتبعه الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، بالبساطة والوضوح، لكنه في جوهره يعتمد على استراتيجية الضغط المتواصل حتى تحقيق الهدف.
قبل أكثر من 38 عامًا، كشف ترامب في كتابه فن التفاوض عن فلسفته في عقد الصفقات، مؤكدًا:
“أضع أهدافًا طموحة للغاية، ثم أواصل الضغط والضغط والضغط حتى أحصل على ما أريد. عليك التحلي بالصبر، وألا تُظهر أبدًا أنك بحاجة ماسة إلى الصفقة، لأن اليأس في عالم الأعمال يساوي الخسارة.”
ومع استمرار الجدل حول مواقفه الحادة، من تهديد الدول بالتعريفات الجمركية، إلى تصريحاته حول السيطرة على غرينلاند وقناة بنما، وتدخله في خفض أسعار الفائدة، تبدو الحاجة لفهم نهجه أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى.
في كتابه، الذي نُشر بالتعاون مع الصحفي توني شوارتز عام 1987، يسلط ترامب الضوء على نهجه في التفاوض عبر 14 فصلًا، حيث يكشف تفاصيل يومياته وإدارته لمشاريعه المختلفة، بدءًا من قطاع العقارات، وصولًا إلى سوق الأسهم.
يؤكد ترامب أن والده، فريد ترامب، كان له التأثير الأكبر عليه، إذ علّمه “تحريك الناس” وتحقيق المكاسب من خلال السيطرة على المواقف. ويقول:
“والدي علّمني كيف أجني المال، لكنه لم يكن نرجسيًا بما يكفي. لم يضع اسمه على أي ناطحة سحاب، وأضاع وقته في مساعدة الفاشلين. تعلمتُ منه أن الناجحين لا يتقيدون بساعات عمل محددة.”
و في كتابه، يعترف ترامب باستخدامه أساليب غير تقليدية لتحقيق المكاسب. فهو لم يتردد في توظيف أشخاص يعلم أنهم محتالون، طالما أنهم يسرقون الآخرين أكثر مما قد يسرقونه منه. ويضيف:
“الدون لا يخسر! لقد بعت منازل بربح 10 ملايين دولار قبل انهيار السوق.”
في 1974، دخل عالم العقارات بقوة من خلال الاستحواذ على فندق “كومودور” في نيويورك، الذي كان يعاني من خسائر كبيرة. لكن ترامب رأى إمكانياته، وأعاد تسميته إلى “ترامب بلازا”، ليحقق من خلاله 280 مليون دولار.
و من المفارقات أن ترامب يؤكد أن المال لم يكن دافعه الأول، بل كان يسعى إلى المتعة. ويقول:
“لستُ مدفوعًا بالمال، فأنا أملك أكثر مما أحتاج. السر في الصفقات الناجحة هو أن تجعل الآخرين يدفعون الثمن.”
حين أفلس أحد كازينوهاته، أدى ذلك إلى خسارة آلاف الموظفين وظائفهم، لكنه خرج من الأزمة ومعه 50 مليون دولار، واصفًا الأمر بـ*”التجربة المثيرة”*.
و يرى ترامب أن النجاح يعتمد على اتباع مجموعة من المبادئ، منها:
تحقيق أكبر مكسب شخصي ممكن – لا مكان للعواطف في عالم الصفقات.
استغلال غباء الآخرين – هناك دائمًا من هو أقل ذكاءً، واستغلاله فرصة.
الشهرة بأي ثمن – حتى النقد السلبي أفضل من أن يتم تجاهلك.
الوعد بالمستحيل – الناس يحبون تصديق الأحلام، حتى لو لم تتحقق.
الاهتمام بالمظهر – قصة شعر مميزة قد تكون جزءًا من بناء العلامة التجارية الشخصية.
يرى ترامب أن سر النجاح يكمن في الجمع بين الحدس والضغط المستمر، ويقول:
“عليك أن تتذكر دومًا أن الطرف الآخر يريد شيئًا منك، لذا اضغط عليه بلا هوادة. كل أداة في جعبتك يجب أن تُستخدم.”
كما يؤكد على أهمية التفاصيل الصغيرة، لأنها قد تصنع الفارق بين النجاح والفشل، مشيرًا إلى أن بناء علامة تجارية شخصية قوية أمر حيوي لجذب الفرص.
صدر كتاب فن التفاوض قبل دخول ترامب الساحة السياسية، لكنه يكشف عن نهج يمكن إسقاطه على تصرفاته كرئيس، سواء في تعامله مع الخصوم أو حتى مع الحلفاء، مثل الضغط العنيف الذي مارسه على كندا أثناء المفاوضات التجارية، قبل أن يقرر في اللحظة الأخيرة إلغاء الرسوم الجمركية مقابل تنازلات في اتفاق جديد.
في النهاية، يبدو أن نهج ترامب في التفاوض لا يعتمد فقط على تحقيق الربح، بل على إثبات القوة والهيمنة، حتى لو كان الثمن خسارة الآخرين.