ضغوط صينية على سوق الحبوب تهوي بأسعار الصويا في شيكاغو

شهدت بورصة شيكاغو للسلع، خلال تداولات يوم الخميس، تراجعًا ملحوظًا في أسعار فول الصويا، في وقت تتزايد فيه المؤشرات على أن الصين أنجزت جزءًا كبيرًا من مشترياتها المتفق عليها من الولايات المتحدة، بالتوازي مع لجوئها المكثف إلى السحب من مخزونها الاستراتيجي.
ووفق معطيات متداولة في الأسواق العالمية، فقد ضمنت بكين اقتناء ما لا يقل عن 7 ملايين طن من الصويا الأميركية خلال الأسبوعين الماضيين، ما يعني أنها تجاوزت منتصف الطريق نحو تنفيذ اتفاق شراء 12 مليون طن، المبرم مع الإدارة الأميركية السابقة.
هذه الوتيرة المتسارعة للشراء، التي قادتها شركات حكومية صينية، ساهمت في تغيير توازن العرض والطلب مؤقتًا، لكنها لم تمنع استمرار الضغوط على الأسعار.
وتبرز في هذا السياق شركة سينوجرين، المسؤولة عن إدارة الاحتياطيات الاستراتيجية للحبوب في الصين، والتي كثفت تحركاتها في السوق الأميركية، مسجلة صفقات بملايين الأطنان، إضافة إلى شحنات جديدة جرى التعاقد عليها خلال الأيام الأخيرة.
كما شاركت شركة كوفكو الحكومية بدورها في هذه العمليات، ما يعزز توقعات ارتفاع الواردات الصينية في الفترة المقبلة.
غير أن هذه المشتريات تتزامن مع سياسة معاكسة داخل الصين، حيث تقوم السلطات بطرح كميات كبيرة من الصويا المخزنة في مزادات محلية، بهدف إفراغ المخازن وتهيئتها لاستقبال الشحنات الأميركية الجديدة.
هذا التناقض بين الشراء الخارجي والتفريغ الداخلي يعكس إدارة دقيقة للمخزون، لكنه في الوقت ذاته يضغط على الأسعار العالمية.
ضبابية البيانات الأميركية زادت من تعقيد المشهد، إذ أظهرت الأرقام الرسمية مبيعات أقل من المتوقع للصين، في حين تشير تقديرات المتعاملين إلى أن الحجم الحقيقي أعلى من ذلك، خاصة في ظل تأخر نشر بعض بيانات الصادرات. ويُرجّح أن تكون شحنات مصنفة ضمن “وجهات مجهولة” موجهة في نهاية المطاف إلى السوق الصينية.
ورغم تفاؤل البائعين الأميركيين والمستوردين الصينيين بإتمام الكميات المتفق عليها، فإن عامل التوقيت يظل عنصرًا ضاغطًا، خصوصًا مع اقتراب موسم حصاد برازيلي يُتوقع أن يكون قياسيًا، ما يعزز وفرة المعروض عالميًا.
في موازاة ذلك، أوضحت تصريحات رسمية أميركية أن المهلة النهائية أمام الصين لإتمام مشتريات الصويا لا ترتبط بنهاية ديسمبر، بل تمتد إلى نهاية موسم النمو، وهو ما يمنح مرونة زمنية أكبر لتنفيذ الاتفاق. وتشير التقديرات إلى أن دورة بيع الصويا تمتد عادة من الخريف حتى الربيع، ما يجعل وتيرة الشراء الحالية منسجمة مع الأعراف التجارية.
وعلى الصعيد الداخلي، واصلت سينوجرين طرح كميات من الصويا المستورد في مزادات متتالية، حيث باعت جزءًا كبيرًا من المعروض وأعلنت عن جولات جديدة خلال الأسابيع المقبلة.
ويقدّر متعاملون أن إجمالي الكميات المطروحة قد يصل إلى نحو 4 ملايين طن، في خطوة تهدف إلى استيعاب الشحنات الأميركية المنتظرة.
أداء الحبوب في بورصة شيكاغو
الذرة: ارتفعت العقود الآجلة لتسليم مارس بنسبة 0.8% لتستقر عند 4.44 دولار للبوشل.
الصويا: تراجعت عقود يناير بنسبة 0.6% إلى 10.52 دولار للبوشل.
القمح: سجلت عقود مارس ارتفاعًا طفيفًا بنسبة 0.3% لتصل إلى 5.07 دولارات للبوشل.
وبين تسارع المشتريات الصينية وتوقعات وفرة المعروض العالمي، تبقى أسواق الحبوب رهينة توازنات دقيقة، حيث يكفي تغير طفيف في الطلب أو الإنتاج لقلب اتجاه الأسعار في أي لحظة.




