شوكولاتة دبي…كيف حول لوح فستق بسيط العالم إلى هوس رقمي

في قلب مدينة ميونيخ المضيئة بأضواء أعياد الميلاد، وقفت آنا مولر أمام متجر حلويات لتكتشف أن أطول طابور لم يكن للكعك الألماني التقليدي “ليب كوخن”، بل للوَح شوكولاتة غريب الشكل يجذب الأنظار.
هذا اللوح لم يكن مجرد حلويات، بل أصبح محور حديث منصات التواصل الاجتماعي، ما رفع الطلب على الفستق، وأرغم سلاسل التوريد على التوسع، وأثار مخاوف حول سلامة الغذاء، وسط تحذيرات من احتمال ظهور فقاعة اقتصادية بعد انتهاء ضجة الإنترنت.
الفكرة جاءت من المهندسة البريطانية ذات الأصل المصري، سارة حمودة، التي ابتكرت اللوح عام 2021 أثناء حملها بطفلها الثاني.
ألهمتها رغبات الحمل لتطوير شوكولاتة بحشوة كريمية من الفستق والطحينة مع قرمشة الكنافة، فكرة بسيطة مستوحاة من التراث الشرقي، لكنها تحمل جاذبية بصرية قوية تجعلها قابلة للانتشار الرقمي بسرعة.
الانطلاقة الحقيقية كانت عبر “تيك توك” في ديسمبر 2023، حين شاركت المؤثرة ماريا فيهيرا فيديو للمنتج اجتذب أكثر من 125 مليون مشاهدة حول العالم.
تلا ذلك استقبال متجر “فيكس ديزيرت شوكولاتير” في الإمارات أكثر من 30 ألف طلب دفعة واحدة على لوح الشوكولاتة المعروف باسم “لا يُقاوم”، الذي أصبح فيما بعد يُعرف باسم “شوكولاتة دبي”.
إنتاج “فيكس” محدود بحوالي 500 قطعة يوميًا، تُباع بسرعة هائلة، مع شعور لدى المستهلكين بالندرة والخوف من تفويت الفرصة. ويتاح التوصيل عبر تطبيق “ديليفرو” في الإمارات من الساعة 2:00 ظهرًا حتى 5:00 مساءً، ليصبح المنتج الأكثر طلبًا عالميًا على التطبيق خلال العام الماضي.
نجاح الشوكولاتة وندرتها أطلق موجة من النسخ المقلدة عالميًا، من متاجر رخيصة مثل “ليدل” و”ألدِي” و”هوم بارجينز”، إلى علامات فاخرة مثل “ليندت” و”ميزون صمدي”، مما رفع الطلب على الفستق المستخدم في الحشوات.
خلال العام الماضي، أعادت “هاجن داز” إطلاق آيس كريم الفستق، وطرحت “ليندت آند سبرونجلي” منتجات جديدة تجمع بين الشوكولاتة والفستق، فيما أصبح “لاتيه الفستق” منتجًا شتويًا ثابتًا في قوائم “ستاربكس”، ما يعكس انتشار الفستق في كل قطاع تقريبًا.
أنفقت جمعية “أمريكان بيستاشيو جروورز”، التي تمثل أكثر من 800 مزارع فستق، نحو 10.5 مليون دولار في السنة المالية 2024 على الترويج، بعد أن ضاعفت شركة “ميريديان جروورز” طاقتها الإنتاجية إلى 50 مليون رطل في 2023.
الجانب البصري للفستق لعب دورًا كبيرًا في الانتشار، إذ تضاعفت عمليات البحث على “يلب” عن كلمات مثل “فستق” و”بستاشيو” بين يونيو 2024 ومايو 2025، بينما ارتفع البحث عن “لاتيه الفستق” بنسبة 128% و”شوكولاتة الفستق” بنسبة مذهلة تصل إلى 8942%.
حقق موسم 2023-2024، الذي تزامن مع إطلاق شوكولاتة دبي، حصادًا قياسيًا بلغ 1.49 مليار رطل (676 ألف طن) من الفستق، ومن المتوقع أن ينتج موسم 2024-2025 حوالي 1.1 مليار رطل، مع توقعات لموسم جديد أعلى تبدأ محاصيله في سبتمبر.
مع انتشار النسخ الرديئة في نهاية العام الماضي، أعربت السلطات الألمانية عن قلقها من سلامة الغذاء بعد اكتشاف سموم فطرية في عينات عشوائية لبعض ألواح الشوكولاتة.
التحدي الأكبر في تصنيع “شوكولاتة دبي” هو التقنية، فالكنافة المستخدمة هشة جدًا وتتطلب مهارة عالية لتغطيتها بالكريمة دون فقدان قرمشتها، ما يجعل إنتاجها على نطاق واسع صعبًا، ويجعلها مختلفة عن أي لوح شوكولاتة عادي بنكهة الفستق.