شراكة بريطانية-مغربية غير مسبوقة في الصناعات الدفاعية تعزز التصنيع العسكري المحلي

شهدت العلاقات المغربية البريطانية تطورًا نوعيًا وغير مسبوق مع إعلان الحكومة البريطانية رسميًا استثمارها المباشر في قطاع الصناعات العسكرية بالمغرب، بالتزامن مع توقيع سلسلة من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي تعزز الشراكة الدفاعية والصناعية بين البلدين.

وتعكس هذه الخطوة مستوى عالٍ من الثقة المتبادلة، وتحول التعاون بين المغرب والمملكة المتحدة من علاقة تقليدية إلى شراكة عملية متقدمة في أحد أكثر القطاعات حساسية واستراتيجية.

وجاءت البداية مع توقيع مذكرة تفاهم بين إدارة الدفاع الوطني المغربية وشركة BAE Systems البريطانية، واحدة من أبرز الشركات العالمية في مجال الصناعات الدفاعية.

وتشمل هذه الشراكة تطوير وإنتاج الأنظمة المتقدمة المستخدمة في طائرات F-16، ومروحيات الأباتشي، إلى جانب منظومات إلكترونية وتسليحية دقيقة، ما يشكل نقطة انطلاق حقيقية لتعزيز القدرات الإنتاجية المغربية في مجال الطيران العسكري.

وفي نفس السياق، تم توقيع اتفاق آخر بين جمعية الصناعات الدفاعية والأمنية البريطانية (ADS Group) والوكالة المغربية لتنمية الاستثمارات والصادرات (AMDIE)، بهدف تقوية الروابط الصناعية وتوفير بيئة مناسبة لنقل التكنولوجيا وتبادل الخبرات، مع فتح آفاق واسعة للتصنيع المشترك والتصدير إلى الأسواق العالمية.

تندرج هذه الاتفاقيات ضمن استراتيجية شاملة للمغرب تهدف إلى بناء منظومة صناعية دفاعية متكاملة، خصوصًا في مجال مقاتلات F-16.

ويأتي انضمام BAE Systems إلى المشروع بعد خطوات مماثلة قامت بها شركات أمريكية كـ Pratt & Whitney التي بدأت في إنشاء مصنع للمحركات العسكرية بالمغرب، وشركة Lockheed Martin التي أعلنت عن وحدة تصنيع عسكرية، ما يعزز مسيرة التصنيع العسكري المحلي.

وعلى صعيد التعاون العسكري، شملت الاتفاقيات برنامج عمل مشترك بين القوات المسلحة الملكية المغربية ونظيرتها البريطانية، تم الاتفاق عليه ضمن اللجنة العسكرية المغربية البريطانية المشتركة، ويركز على مجالات الدفاع البحري والتعاون في مشاريع صناعية مستقبلية، مستفيدًا من الموقع الاستراتيجي لكلا البلدين على ضفتي المحيط الأطلسي.

سياسيًا، تتماشى هذه الشراكة مع الموقف البريطاني الداعم لوحدة التراب المغربي، حيث أكد مسؤولون بريطانيون دعمهم لمغربية الصحراء، فيما تعتبر الاستثمارات البريطانية في الأقاليم الجنوبية للمملكة دليلاً على هذا التوجه السياسي الاستراتيجي.

يمثل هذا الإنجاز نقطة تحول حاسمة في مسار العلاقات بين المغرب والمملكة المتحدة، حيث تفتح مرحلة جديدة من التعاون العميق تستند إلى الاستقلالية الاستراتيجية، وتعزيز التصنيع العسكري المحلي، وتحقيق نمو اقتصادي مبني على صناعات ذات قيمة مضافة عالية.