شرائح الذاكرة.. السبب الخفي وراء ارتفاع أسعار الهواتف والحواسيب في 2025

بينما يعتقد المستهلكون أن ارتفاع أسعار الهواتف الذكية والحواسيب مرتبط بالميزات الظاهرة مثل الكاميرات الفائقة الدقة أو الشاشات الكبيرة أو سعة التخزين الضخمة، تظهر الحقيقة أن المكونات الداخلية الخفية تلعب الدور الأكبر في تحديد تكلفة هذه الأجهزة.
شرائح الذاكرة العشوائية (دي رام) وذاكرة التخزين الوميضية (ناند) تتصدر هذه المكونات، فهي العمود الفقري لكل جهاز إلكتروني حديث، وتأثيرها يتعدى مجرد تخزين البيانات ليصل إلى تكلفة الإنتاج الفعلية.
في السنوات الأخيرة، أصبحت هذه الشرائح عاملاً حاسمًا في تحديد أسعار الأجهزة ليس فقط للهواتف، بل أيضًا للحواسيب والأجهزة اللوحية والساعات الذكية. ومع أن المستخدم عادة يركز على العلامة التجارية أو المعالج أو الشاشة، فإن شرائح الذاكرة تتحكم في قدرة الجهاز على الأداء وارتفاع أو انخفاض سعره بشكل مباشر.
شهد عام 2025 ارتفاعًا غير مسبوق في أسعار شرائح الذاكرة، مدفوعًا بالطلب الهائل من مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي التي تبنيها شركات مثل ميتا ومايكروسوفت وجوجل.
هذا الطلب أدى إلى تقلص المعروض من الشرائح المخصصة للأجهزة الاستهلاكية، إذ أعادت شركات تصنيع كبرى مثل ميكرون وسامسونج توجيه خطوط إنتاجها نحو شرائح الخوادم عالية الأداء، التي تحقق هوامش ربح أكبر بكثير.
![]()
ونتيجة لذلك، واجه سوق الهواتف والحواسيب نقصًا حادًا في الشرائح التقليدية، ما دفع أسعار الأجهزة إلى الارتفاع بشكل ملحوظ. بيانات تريندفورس تشير إلى أن أسعار شرائح دي رام التعاقدية ارتفعت في الربع الرابع من 2025 بنسبة تصل إلى 75% على أساس سنوي، فيما تضاعفت الأسعار الفورية تقريبًا بزيادة بلغت 187%.
أما شرائح الجيل الخامس بسعة 16 جيجابت فارتفعت بنسبة 102% خلال شهر واحد فقط، ما يعكس حجم الضغوط على السوق.
تتميز صناعة الذاكرة بدورات متقلبة: انخفاض الأسعار في فترات الفائض وارتفاعها عند شح المعروض. بعد أزمة النقص العالمي خلال الجائحة، شهدت الأعوام 2022 و2023 استقرارًا نسبيًا، لكنه لم يدم طويلاً مع الطفرة الجديدة في الطلب من قطاع الذكاء الاصطناعي.

ارتفاع أسعار الذاكرة ينعكس مباشرة على المستهلك، إذ تضطر الشركات إلى أحد الخيارات: امتصاص التكلفة على حساب الأرباح، تخفيض مواصفات الأجهزة، أو رفع أسعار البيع.
ومع ضغوط المنافسة وهامش الربح الضيق للأجهزة المتوسطة والمنخفضة، اتجهت معظم الشركات إلى رفع الأسعار. وتوقع خبراء تريندفورس أن ترتفع أسعار الحواسيب المحمولة بنسبة 5 إلى 15% في 2026، مع زيادة أكبر في أسعار الهواتف الذكية.
في المقابل، استفادت شركات تصنيع الشرائح من هذه الموجة بشكل غير مسبوق، إذ رفعت سامسونج أسعار شرائحها بنسبة تصل إلى 60% بين سبتمبر ونوفمبر 2025، بينما تضاعفت أسعار دي رام مقارنة بالعام السابق، ما انعكس مباشرة على الإيرادات وهوامش الربح.
ويستفيد هؤلاء المصنعون من هيمنة شبه احتكارية على السوق، حيث تتحكم ثلاث شركات فقط—سامسونج، إس كيه هاينكس، وميكرون—في العرض العالمي.
نظرًا لتعقيد بناء خطوط إنتاج جديدة للشرائح، والتي تستغرق عادة 3 إلى 5 سنوات، سيظل المعروض محدودًا والأسعار مرتفعة على المدى القريب.
وحتى مع صغر حجم شرائح الذاكرة، فإن تأثيرها على أسعار التكنولوجيا هائل، ويستمر تأثير هذه الدورة لعدة سنوات، مما يعني استمرار ضغوط التضخم على أسعار الهواتف والحواسيب والخوادم ومنتجات الذكاء الاصطناعي على حد سواء.




