شحّ العمالة يعرقل قطاع البناء بالمغرب ويؤدي إلى تراجع الإنتاج وارتفاع الأسعار

يشهد قطاع البناء في المغرب أزمة غير مسبوقة، تسببت في اضطراب كبير على مستوى الإنتاج السكني وارتفاع ملحوظ في تكلفة البناء.
ويعاني القطاع من نقص حاد في العمالة الماهرة، ما أدى إلى ارتفاع سنوي في الأجور يتراوح بين 20% و25%.
ويُعزى هذا الخلل إلى هجرة عدد كبير من العمال نحو مشاريع الأشغال العمومية التي تقدم أجورًا أعلى، بالإضافة إلى عودة فئة أخرى إلى النشاط الزراعي الموسمي، مما فاقم أزمة ندرة اليد العاملة المتخصصة.
و تأثرت بشكل مباشر وتيرة إنتاج الوحدات السكنية، التي تراجعت من حوالي 300 ألف وحدة سنويًا سنة 2010، إلى ما بين 70 ألف و80 ألف وحدة فقط حاليًا.
ويُعزى هذا الانخفاض إلى ارتفاع تكاليف الأجور، إضافة إلى الروتين الإداري وتعقيد الإجراءات التنظيمية، ما ساهم في تباطؤ وتيرة تنفيذ وتسليم المشاريع العقارية.
ورغم إطلاق الحكومة برنامجًا لدعم السكن، إلا أن الفاعلين في القطاع يعتبرونه غير كافٍ لتحقيق انتعاشة حقيقية. ويُرجع هؤلاء محدودية الأثر إلى شروط التهيئة الصارمة، وعلى رأسها فرض مواقف سيارات لكل شقة، ما يرفع كلفة الإنجاز إلى مستويات تفوق قدرات المنعشين العقاريين، خاصة في مشاريع السكن الاجتماعي.
انعكست هذه الأوضاع سلبًا على الأسر المغربية، حيث أدى ارتفاع أسعار البناء وتراجع العرض إلى زيادات كبيرة في أسعار العقارات، مما حوّل حلم امتلاك سكن إلى واقع بعيد المنال بالنسبة لشرائح واسعة من المواطنين، وطرح تساؤلات حقيقية حول فعالية السياسات السكنية في ظل الأزمة الهيكلية التي يشهدها القطاع.