اقتصاد المغربالأخبار

شجرة الأرݣان المغربية تثير اهتمام مصنعي النبيذ الفرنسيين بعد الحصول على بذورها بطرق غير تقليدية

في ظل التحديات البيئية العالمية المتزايدة، تبرز شجرة الأرݣان المغربية كرمز قوي للصمود والتكيف مع التغيرات المناخية.

فهي شجرة نادرة تنمو طبيعياً في المناطق الجافة والقاحلة في المغرب، وقد أصبحت الآن محط اهتمام غير متوقع من قبل بعض منتجي النبيذ الفرنسيين الذين يواجهون أزمة جفاف تهدد استدامة نشاطهم التجاري.

توجه عدد من صانعي النبيذ في جنوب فرنسا، وتحديداً في مناطق سفوح جبال البيرينيه، إلى التفكير في بدائل زراعية جديدة بعد أن أصبح الماء شحيحاً والأراضي أقل خصوبة.

التغيرات المناخية المستمرة دفعتهم إلى إعادة التفكير في زراعة الكروم التي كانت تدر العائدات السابقة، ليبحثوا عن محاصيل جديدة، ليتوجهوا إلى المغرب كمصدر إلهام، وبالأخص شجرة الأرݣان التي استطاعت الصمود قروناً في بيئة قاسية.

وأوضح فنسنت كونيس، أحد هؤلاء المنتجين، في حديثه لصحيفة “L’Independant” أن هذه المبادرة لم تكن مجرد فكرة عابرة، بل نتاج دراسات وتجارب طويلة.

وأضاف: “كنا نعلم أن الجفاف سيزداد شدة، ولذلك كان لا بد من اتخاذ خطوة جريئة”. وقد بدأت التجارب بزراعة محاصيل جديدة مثل الرمان والتين الشوكي والفستق، لكن الأهم من ذلك كان الاهتمام بزراعة شجرة الأرݣان.

تحدث توفينوس، أحد أفراد المجموعة، عن فكرة استلهام التجربة المغربية بفضل قدرة الأرݣان على النمو في البيئات القاحلة، وهو ما يتناسب مع ظروف جنوب فرنسا. إلا أن التحدي الأبرز كان في الحصول على بذور هذه الشجرة النادرة والمحمية في المغرب.

وعلى الرغم من القيود المفروضة على تصدير بذور الأرݣان، تمكن توفينوس في النهاية من الحصول على بعض البذور من إسبانيا، وهو ما أتاح بدء التجارب في بلدة بايكس الفرنسية في أكتوبر الماضي.

تحت إشراف المزارعين الفرنسيين، بدأت أولى محاولات زراعة أشجار الأرݣان، على أمل أن تكون خطوة نحو الزراعة المستدامة التي تتأقلم مع الواقع المناخي الجديد.

ما يميز شجرة الأرݣان أنها تحتاج إلى أقل من 120 ملم من الأمطار سنوياً للبقاء على قيد الحياة، ويعني هذا أنها قد تنجح في البيئة الجديدة بشرط توفير الظروف المناسبة.

لكن النجاح ليس مضموناً، حيث يعرب كونيس عن قلقه قائلاً: “ليس لدينا أي ضمانات، علينا الانتظار لسنوات لنرى النتائج، وإذا نجح الأمر، قد يكون نقطة تحول في الزراعة المحلية”. ويأملون في أن تكون الأرݣان بمثابة بداية لمشروعات أخرى، مثل الجوجوبا والمكاديميا، التي يمكن أن تساهم في توفير بدائل زراعية مستدامة.

شجرة الأرݣان، التي تعد جزءاً مهماً من التراث والثقافة المغربية، ليست فقط مورداً طبيعياً بل تلعب دوراً كبيراً في الاقتصاد المحلي. فزراعة الأرݣان توفر فرص عمل لآلاف النساء في التعاونيات التي تختص باستخلاص زيت الأرݣان المعروف بفوائده التجميلية والطبية.

وبينما يسعى الفرنسيون لاستلهام تجربة المغرب، قد يفتح نجاح مشروعهم الباب لتعاون جديد بين البلدين في مجال الزراعة المستدامة، لكن في الوقت نفسه يثير تساؤلات حول مستقبل هذه الشجرة التي أثبتت أنها أكثر من مجرد شجرة، بل هي كنز طبيعي يتجاوز حدود المغرب.

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى