شبهات تهريب أموال عبر التصدير تضع ثلاث شركات مغربية تحت مجهر الجمارك ومكتب الصرف

في خطوة غير مسبوقة، دخلت مصالح الجمارك ومكتب الصرف في المغرب مرحلة متقدمة من التحقيقات بشأن شبهات تهريب أرباح ضخمة من عمليات تصدير إلى الخارج، تعود لشركات مغربية يُشتبه في عدم التزامها بإعادة توطين العائدات المالية داخل المملكة، كما تقتضي القوانين المنظمة للصرف.
ووفق ما أفادت به جريدة لهسبريس، فإن التحقيقات الجارية تُركّز على تتبع مسارات مالية مشبوهة مرتبطة بثلاث شركات مغربية، يُعتقد أنها نفّذت عمليات تصدير بالتنسيق مع مستوردين أجانب بهدف تحويل أرباح خارج الإطار البنكي الرسمي، مما يشكل خرقاً صارخاً للضوابط القانونية.
وأضافت المصادر أن مصالح المراقبة المغربية استعانت بقنوات تبادل البيانات مع هيئات جمركية في دول أوروبية، مثل ألمانيا وفرنسا وإسبانيا، وقد كشفت هذه الشراكات عن تلاعبات في التصريحات الجمركية وتخفيض متعمّد في قيمة الفواتير المصاحبة للبضائع المصدرة، ما زاد من شكوك الأجهزة المعنية بوجود شبكة تهريب منظمة.
وتُظهر المعطيات الأولية أن العائدات المالية الناتجة عن هذه العمليات تم توجيهها إلى حسابات مصرفية في عدة دول قبل أن تُحوّل إلى ملاذات ضريبية، من بينها دول في أمريكا الوسطى، إضافة إلى استخدامها في محافظ عملات مشفرة يصعب تتبعها، مما يعقّد من جهود استرجاع الأموال.
ورغم التقدم في التحقيقات، فإن الجهات المعنية لم تتمكن بعد من تحديد الحجم الدقيق للأرباح التي تم تهريبها، في ظل استمرار تدقيق المعاملات التجارية التي تخص الشركات الثلاث، إضافة إلى ملفات جديدة وُضعت حديثاً تحت المجهر.
ويركز المحققون حالياً على تتبع علاقات مسؤولي هذه الشركات بمستوردين أجانب تكررت أسماؤهم في صفقات مشبوهة، غالبيتها في مجالات النسيج، الملابس، مستحضرات التجميل، والمواد الغذائية.
وأكدت نفس المصادر أن معلومات إضافية وردت من هيئات رقابية أوروبية أظهرت تسريعاً في تسويق البضائع المغربية المستوردة، وسط مراوغة من قبل المستوردين لتفادي الرقابة الجمركية بعد وصول السلع، ما يعزز فرضية استعمال هذه العمليات كغطاء لتبييض الأموال وتهريبها.
من الناحية القانونية، يفرض النظام المغربي ضرورة إشراف مصرفي وجمركي على جميع مراحل التصدير، مع التحقق من تحويل القيمة الكاملة للصفقة إلى حساب بنكي داخل المغرب.
غير أن التحريات كشفت عن اعتماد الشركات المشتبه بها على تحويل جزء من قيمة الصفقات – عادة ما يعادل 60% – بشكل رسمي، فيما يتم دفع المبالغ المتبقية نقداً أو عبر تحويلات خارجية غير شرعية.
وتُوظّف الفرق المكلفة بالتحقيق أنظمة رقمية متطورة، مثل نظام “بدر” وبوابة “بورتنيت”، لتمشيط المعطيات التجارية واللوجستية الخاصة بالشركات المعنية، حيث مكّنت هذه الأدوات من جمع الوثائق والفواتير المرتبطة بعمليات التصدير، خصوصاً بعد تعميم النظام الرقمي على جميع مساطر التعشير الجمركي في السنوات الأخيرة.