الاقتصادية

سيماندو.. من جبال غينيا إلى قلب سوق خام الحديد العالمي

في قلب جنوب غينيا بغرب إفريقيا، تبرز سلسلة جبال سيماندو كموقع لأحد أضخم مشاريع التعدين في التاريخ، بتكلفة تتجاوز 23 مليار دولار. المشروع الذي أطلق عليه المستثمرون لقب “بيلبارا كيلر” يهدد مركز إنتاج خام الحديد الأسترالي الشهير “بيلبارا”، ويعد بتغيير قواعد اللعبة في السوق العالمية للحديد.

يضم منجم سيماندو أكثر من 4 مليارات طن من خام الحديد القابل للاستخراج. وعند الوصول إلى طاقته الإنتاجية الكاملة خلال خمس سنوات تقريبًا، يُتوقع أن يسهم بحوالي 7% من المعروض العالمي، ما يزيد الضغط على الأسعار ويؤثر على أرباح الشركات الكبرى في القطاع.

بدأت هذه القصة عام 1997 عندما منحت شركة التعدين الأنجلو-أسترالية ريو تينتو حقوق استكشاف المنطقة. كان من المخطط بدء التشغيل بحلول 2012، إلا أن المشروع تأخر بسبب الاضطرابات السياسية، اتهامات الفساد، النزاعات القضائية، والصعوبات اللوجستية.

يتطلب المشروع بناء ميناء موربايا على ساحل المحيط الأطلسي، ليكون نقطة نهاية لخط سكة حديد يمتد 600 كيلومتر، قادر على شحن 120 مليون طن من خام الحديد سنويًا من المنجمين في سيماندو.

يتألف المشروع من منجمين يفصل بينهما نحو 100 كيلومتر: أحدهما تحت إدارة ريو تينتو، والآخر تابع لمجموعة وينينج إنترناشونال السنغافورية، التي تسيطر الصين على حوالي 75% من حصتها. ويُعد هذا المشروع أول استثمار صيني كبير خارج الصين في قطاع التعدين، بعد عقود من سيطرة الشركات العالمية على صادرات خام الحديد.

كان من المقرر شحن أول شحنة من الخام منتصف نوفمبر لتصل إلى الصين في 26 ديسمبر. ومع بعض التأخيرات المعتادة في المشاريع الضخمة، يُتوقع أن تغادر أول سفينة قبل نهاية العام الجاري.

يُقام اليوم حفل افتتاح رسمي للمشروع بحضور رؤساء دول إفريقية ومسؤولين كبار من شركات عالمية. ويتوقع الخبراء أن يصبح سيماندو من أقل أصول خام الحديد تكلفة وأكثرها جودة عالميًا، مع تكاليف تشغيل تنافس مناجم “بيلبارا” الأسترالية.

يأمل نحو 15 مليون نسمة من سكان غينيا أن يسهم المشروع في تحويل الاقتصاد الوطني. ومع بلوغ الإنتاج 120 مليون طن سنويًا، من المتوقع أن تصبح غينيا من أسرع دول العالم نموًا اقتصاديًا، مع مضاعفة حجم اقتصادها أربع مرات بحلول عام 2040.

رغم ضخامة المشروع، يشهد سوق خام الحديد فائضًا في المعروض مع تباطؤ الطلب الصيني، ما قد يؤدي إلى انخفاض الأسعار إلى 70-80 دولارًا للطن خلال العامين المقبلين، مقارنة بـ100 دولار حاليًا، وهو ما قد يؤثر على قدرة شركات مثل ريو تينتو على تعويض تكاليفها الرأسمالية بسرعة.

مع تعزيز الصين لنفوذها في تجارة خام الحديد، من المتوقع أن يمنح منجم سيماندو الصين ميزة تنافسية على الشركات الغربية، ويعيد رسم خريطة القوة في سوق خام الحديد العالمي، مع تعزيز مكانة غينيا كمحور رئيسي للإنتاج.

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى