سحر الشائعات وتأثيرها الصادم على سوق الأسهم

لا تقتصر تحركات سوق الأسهم على الأخبار الاقتصادية أو النتائج المالية للشركات، بل كثيرًا ما تتأثر الشارتات بتفاصيل غير مؤكدة تصل إلى المستثمرين عبر شائعات عن توسعات محتملة، صفقات استحواذ وشيكة، أو استقالات مفاجئة لمجالس الإدارة.
هذه المعلومات، رغم عدم تأكيدها رسميًا، غالبًا ما تُحدث تقلبات حادة وفورية في الأسعار، مما يبرز قوة السوق في التسعير السريع وأيضًا هشاشته أمام الإشاعات.
تشير دراسة شاملة حللت أكثر من 1,084 شائعة استحواذ إلى أن الأسواق المالية تتفاعل بقوة مع الأخبار غير المؤكدة. عند انتشار الشائعة عبر وسائل الإعلام التقليدية أو منصات التواصل الاجتماعي، تشهد التداولات والعوائد ارتفاعًا غير معتاد، أحيانًا بين 80–220% مقارنة بالأيام السابقة.
و يعود ذلك إلى تركيز المستثمرين والمضاربين على المكاسب قصيرة الأجل، ما يجعل الشائعة تُعامل كمعلومة سعرية عاجلة تستدعي التحرك الفوري.
ويؤكد الباحث في أسواق المال، دانيال شميت، أن نحو 45% من المستثمرين الذين استجابوا لشائعة ما تلقوا المعلومات لأول مرة من متداول آخر، ما يعكس الدور الكبير للانتشار الشخصي للشائعات في السوق.
من الأمثلة الملموسة، سهم شركة “يونيفيجن” (Univision Communications) الذي ارتفع بنسبة 30% خلال أسبوعين في 2005 نتيجة شائعات حول اندماج أو استحواذ محتمل، قبل أي إعلان رسمي. قوة المصدر الإعلامي، وحجم الشبكة، وتوقيت الشائعة خلال موجة اندماجات في قطاع الإعلام، جميعها ساعدت على تصديق المستثمرين للشائعة ورفع السعر بسرعة.

ومع ذلك، تشير الدراسات إلى أن معظم هذه الشائعات لا تتحقق؛ إذ إن 70–90% من شائعات الاستحواذ لا تؤدي إلى صفقات فعلية، ما يجعل ارتفاع الأسعار غالبًا مؤقتًا ويخلق “فقاعات صغيرة” يخسر فيها المتداولون المتأخرون عند تصحيح السوق.
تجاوز تأثير الشائعات حدود أخبار الشركات ليشمل المعلومات المضللة. ففي نوفمبر 2022، تسبب حساب مزيف على تويتر يتظاهر بأنه رسمي لشركة إيلي ليلي (Eli Lilly) في إعلان خاطئ عن جعل الأنسولين مجانيًا، ما أدى إلى هبوط سعر سهم الشركة بنسبة 4.37% خلال دقائق، رغم أن التغريدة كانت مزيفة.
واستعادت الأسواق توازنها بعد أسبوعين فقط، لكن الخسائر المؤقتة بلغت مليارات الدولارات، متحملة من قبل المستثمرين الذين تحركوا دون تحقق.

كما أثبتت حادثة صورة الانفجار المزعوم قرب البنتاغون عام 2023 قدرة الشائعات على تحريك الأسواق فورًا، حيث أدى الذعر الأولي إلى هبوط مؤشر “داو جونز” الصناعي بمئات النقاط، نتيجة ليس فقط تصرف المستثمرين، بل أيضًا تشغيل خوارزميات التداول الآلي استنادًا للكلمات المفتاحية.
تُظهر هذه الأمثلة أن الأسواق غالبًا ما تسعر الشائعات فورًا خوفًا من “فوات الفرصة”، غير مهتمة غالبًا بصحة المعلومات. ومع أن أكثر من 90% من الشائعات تتضح لاحقًا كغير صحيحة، فإن التحرك دون تحقق يعرض المستثمرين لخسائر كبيرة. لذلك، يبقى التريث والتحقق من مصادر الأخبار خطوة حاسمة قبل اتخاذ أي قرار استثماري.




