اقتصاد المغربالأخبار

زيدان: ألمانيا والمغرب تتقاسمان تحديات متشابهة في مجالي الصحة والبطالة

في خضم أزمة اجتماعية واقتصادية خانقة يمر بها المواطن المغربي، تتجلى في الارتفاع الصاروخي للأسعار، وتفاقم معدلات البطالة، والتدهور الملموس في جودة الخدمات الصحية والتعليمية، جاء تصريح وزير الاستثمار ليثير موجة غضب واسعة.

كان مضمون التصريح صادمًا ومفاجئًا، إذ زعم الوزير أن “ألمانيا تعيش نفس مشاكل المغرب: غلاء الأسعار، تدني القدرة الشرائية، وضعف التغطية الصحية.”

هذا القول، الذي بدا محاولة غير موفقة لـتلطيف الانتقادات الموجهة للأداء الحكومي، تحول في لحظات إلى انزلاق خطير كشف عن انفصال مؤلم بين الخطاب الرسمي والواقع المعيش. إنها محاولة للمقارنة بين واقعين لا يمكن وضعهما في كفة واحدة؛ فبينما يتشابهان اسميًا في وجود “غلاء الأسعار”، تكمن بينهما فوارق هائلة في مستوى العدالة الاجتماعية والعيش الكريم للمواطن.

إن الاعتراف بوجود أزمة اقتصادية عالمية يؤثر على الجميع لا يُبرر مُعادلة الفقر بالرفاهية. فالفوارق بين الحالتين هائلة وتلامس جوهر العدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان. في ألمانيا، وعلى الرغم من أي تحديات، تظل التغطية الصحية شبه شاملة والجودة مضمونة، والتعليم مجاني وإجباري ويُبنى على أسس متينة من التأهيل.

في المقابل، يواجه المغربي مستشفيات مُتهالكة، نقصًا حادًا في الأطر الطبية، وأقسامًا دراسية مكتظة، في وقت يلتهم فيه الغلاء غالبية الأجور المحدودة.

والأكثر إثارة للاستغراب هو مقارنة عامل مغربي يكاد دخله الشهري يصل إلى الحد الأدنى للأجور (حوالي 3200 درهم)، بـنظيره الألماني الذي يتجاوز دخله 1800 يورو، ويتمتع بضمان اجتماعي ونقل وتغطية صحية كاملة.

لا يطلب المواطن المغربي حياة شبيهة بالألمان، بل يطالب فقط بالحد الأدنى من الكرامة عبر تعليم لائق، وعلاج إنساني، ووظيفة تحفظ ماء الوجه.

إن الإصرار على مقارنة الأوضاع المعيشية للمغاربة، الذين يطالبون بالإصلاحات الجوهرية، بأوضاع دولة رائدة في الاقتصاد الاجتماعي، لا يدل إلا على انفصال عن الواقع وافتقار إلى الحس السياسي المسؤول.

فبدلاً من لغة الصراحة والاعتراف بالمسؤولية تجاه الحاجة الملحة لإصلاحات جذرية في قطاعات حيوية كالتعليم والصحة والتشغيل، تلجأ الحكومة إلى أعذار واهية تُغلِّف الفشل في مواجهة التحديات.

كان الأجدر بالوزير أن يوجه خطابه نحو تقديم حلول عملية وملموسة للتخفيف من معاناة المواطنين، بدلاً من استخدام مقارنات غير منطقية تزيد من احتقان الشارع وتُكرس فقدان الثقة لدى الشباب، لا سيما مع تنامي الأصوات الشبابية والحركات التي تُطالب بالعدالة الاجتماعية والمحاسبة.

إن هذه “الخرجات الإعلامية” لا تُزيد الوضع إلا توتراً، وتُؤكد الحاجة المُلحة إلى نُخب سياسية جديدة تدرك أن الحديث في الشأن العام مسؤولية، وأن احترام ذكاء المواطن المغربي واجب لا يمكن التنازل عنه. المواطن يريد إصلاحًا لا تبريرًا، وحلولًا لا أعذارًا.

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى