رسوم ترامب الجمركية: لماذا لم ترتفع الأسعار رغم القيود؟

رغم تصاعد المخاوف بشأن تأثير الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على الواردات، لم تشهد أسعار المستهلك في الولايات المتحدة ارتفاعًا ملموسًا حتى الآن، ما أثار تساؤلات حول الأسباب التي تؤخر هذا التأثير الاقتصادي المتوقع.
ورغم أن إدارة ترامب أبقت على تعريفة أساسية بنسبة 10% على جميع الدول، وهددت بزيادات إضافية تشمل قطاعات واسعة، فإن البيانات الصادرة مؤخرًا أظهرت أن مؤشر أسعار المستهلكين ارتفع بشكل طفيف فقط إلى 2.4% في مايو، مقارنة بـ2.3% في أبريل، وأقل من التوقعات البالغة 2.5%.
أحد التفسيرات الرئيسية لهذا التأخير في تأثير الرسوم الجمركية هو لجوء الشركات الأمريكية إلى استيراد كميات كبيرة من السلع وتخزينها قبل سريان التعريفات الجديدة، ما سمح لها بتأجيل تمرير التكاليف الإضافية إلى المستهلكين لبعض الوقت.
تلعب سلاسل التوريد الطويلة دورًا إضافيًا، إذ تحتاج المنتجات المستوردة إلى أسابيع لعبور البحار والوصول إلى الأسواق الأمريكية، ما يخلق فجوة زمنية بين فرض الرسوم وظهور آثارها على الأسعار النهائية في المتاجر.
ساهمت حالة الحذر في إنفاق المستهلكين في الحد من قدرة الشركات على رفع الأسعار فورًا، ما دفع العديد منها لتحمل جزء من التكاليف بدلاً من المخاطرة بخسارة العملاء في بيئة اقتصادية متقلبة.
رغم استقرار الأسعار نسبيًا، إلا أن بعض القطاعات شهدت زيادات ملموسة. فقد ارتفعت أسعار الأجهزة المنزلية بنسبة 4.3% خلال مايو، نتيجة الرسوم المفروضة مبكرًا على واردات الألمنيوم والصلب.
تسببت التعديلات المتكررة على الرسوم، والإعفاءات المؤقتة، في خلق حالة من الغموض، حالت دون وضع استراتيجيات تسعير طويلة الأجل، ما جعل تمرير الكلفة الإضافية إلى المستهلكين يجري بوتيرة أبطأ من المتوقع.
ويتوقع “ديفيد كيلي”، كبير المحللين في “جيه بي مورجان”، أن تتزايد الضغوط التضخمية خلال النصف الثاني من العام، مع احتمالية بلوغ التضخم السنوي نحو 4% بحلول نهاية السنة إذا استمرت السياسات الجمركية على حالها.
بدوره، يرى “إريك تيل”، مدير الاستثمار في “كوميريكا ويلث مانجمنت”، أن العبء الأكبر من الرسوم الجمركية سيقع في نهاية المطاف على كاهل المستهلك، لكن الشركات تتحاشى اتخاذ خطوات تسعيرية حادة حاليًا بسبب هشاشة السوق.
يعود بطء تأثير الرسوم الجمركية على أسعار المستهلكين إلى عوامل متعددة، أبرزها التخزين المسبق، وبطء سلاسل التوريد، وضعف الطلب، إلى جانب غياب رؤية واضحة للسياسات التجارية.
ومع تراجع هذه العوامل تدريجيًا، يُرجَّح أن تبدأ الضغوط التضخمية بالظهور بشكل أوضح خلال الأشهر المقبلة.