رحلة السيارات الذكية..كيف يغير الذكاء الاصطناعي قواعد القيادة والسلامة؟

في زمن تتزايد فيه حركة الطرقات مع حرارة الصيف وعطلات السفر، لم تعد السيارات مجرد وسيلة نقل، بل أصبحت منصات رقمية متقدمة توفر تجربة قيادة ذكية وآمنة.

هذه المركبات الحديثة تتجاوز كونها هياكل معدنية؛ فهي مزودة بتكنولوجيا متقدمة تجعلها قادرة على التنبؤ بالمخاطر والتفاعل معها، لكن الحقيقة تظل أكثر تعقيدًا.

على الرغم من التطور التقني الكبير، لا تزال الحوادث تحصد أرواح 1.3 مليون شخص سنويًا حول العالم، فيما ترتفع تكاليف الإصلاح بشكل كبير. السيارات الحديثة تحتوي على أنظمة أمان متطورة مثل الكبح التلقائي في حالات الطوارئ وأنظمة مساعدة السائق المتقدمة، إضافة إلى الاتصال بالإنترنت وأنظمة الأتمتة.

لكنها لا تعمل بكفاءة كاملة دون العنصر البشري، فالسائقون لا يزالون في طور التكيف مع هذه التقنيات، ويبالغ بعضهم في تقدير قدرات مركباتهم، بينما يرفض آخرون الاعتماد على الأنظمة لأسباب تتعلق بالراحة أو الثقة، ما يؤدي إلى استمرار معدلات الحوادث.

حتى الإصلاحات البسيطة أصبحت مكلفة، فالسيارات الحديثة تعمل كـ”حواسيب على عجلات”، تحتوي على أكثر من 1400 شريحة إلكترونية، وتمثل المكونات الرقمية نحو 40% من تكلفة السيارة. إصلاح خدش بسيط لم يعد يقتصر على السمكرة والطلاء، بل يتطلب معايرة دقيقة لأجهزة الاستشعار والكاميرات، ما يزيد التكاليف بشكل كبير.

منذ 2020، ارتفعت تكلفة الإصلاح في الولايات المتحدة بنسبة تقارب 40%، فيما السيارات الكهربائية تزيد تكاليفها بنحو 30% بسبب التعقيد التقني لأنظمتها.

التكنولوجيا تظهر قوتها في لحظة وقوع الحادث:

• إشعار فوري: إرسال تنبيه تلقائي لخدمات الطوارئ بمكان وزمن الحادث.

• استجابة سريعة: توجيه المساعدة أو شاحنة السحب فورًا.

• مطالبة آلية: تحليل الصور باستخدام الذكاء الاصطناعي لإنشاء تقدير أولي للتكاليف وفتح مطالبة التأمين.

• جدولة ذكية: حجز موعد في ورشة إصلاح متصلة رقميًا.

• شفافية كاملة: تدفق سلس للبيانات بين شركات التأمين، الورش، وموردي قطع الغيار، مع الدفع الرقمي الفوري.

هذه الأنظمة تقلل الفوضى بعد الحادث وتهدف لإعادة السائق إلى الطريق بسرعة وكفاءة.

بناء منظومة متكاملة كهذه يواجه عدة تحديات:

• السيطرة على ارتفاع تكاليف الإصلاح.

• سدّ الفجوة في عدد الفنيين المهرة القادرين على التعامل مع التكنولوجيا.

• ضمان توفير حلول ذكية وبأسعار معقولة للجميع.

الاستثمارات في هذا القطاع ضخمة؛ فمن المتوقع أن يقفز استثمار الخدمات المالية في الذكاء الاصطناعي من 35 مليار دولار في 2023 إلى 97 مليار دولار بحلول 2027.

ومع ذلك، يبقى النجاح مرتبطًا بالتطبيق المسؤول للتقنيات مع حوكمة قوية تضمن الشفافية وحماية الخصوصية ومنع التحيز.

أصبحت تجربة القيادة الحديثة رقمية بالكامل، من المركبات الذكية إلى عمليات التعافي بعد الحوادث.

الهدف ليس مجرد الوصول إلى الوجهة بأمان، بل ضمان أن العودة إلى الحياة الطبيعية بعد أي حادث تكون أسرع وأكثر سلاسة وكفاءة من أي وقت مضى.